سورة البقرة | حـ 166 | آية 150 : 151 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله في سورة البقرة حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى لنبيه ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلن تعدم أبدا عبر العصور ودوران الدهور وفي كل مكان لن تعدم هذه الفئة التي ظلمت نفسها وظلمت غيرها وأنت تجادلهم وأنت تناقشهم وأنت تبلغهم وأنت تتعامل معهم إلا الذين
ظلموا سنة الله في كونه ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ما أصابعك ليست مثل بعضها البعض والناس أيضا ليسوا مثل بعضهم البعض، فكيف نتعامل مع هذا الصنف من الناس؟ أولا لا تخشوهم، فإذا قال لي لا تخشوهم فهم إذن من أهل الجبروت والطغيان والعدوان الذي يجعلني خائفا، نعم إنه ظالم، هو ظالم، فالصفة الأولى لأهل الظلم أنهم لا حجة
لهم طبع، والذي ليس لديه حجة فماذا يكون لديه؟ هوى ومصلحة ومنفعة، هم يريدون مصالحهم ومنافعهم طبقا لأهوائهم. ثانيا: بغي وطغيان، ولذلك أمرنا ألا نخشاهم فلا تخشوهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم فلا تخشوهم واخشوني. المقابل هكذا: لا تخافوهم، فالأجدر بمن تخافه هو من بيده الأمر. وهؤلاء ليس في أيديهم شيء، هؤلاء مساكين، هذه أشياء كذلك صور سائرة، وإنما الذي بيده الأمر
ولا يكون في كونه إلا ما أراد، هو الله، فتوكل على الحي الذي لا يموت، وهناك وعد، هناك أمر، هو نهي وأمر ووعد، فلا تخشوهم، هذا نهي، واخشوني، هذا أمر، ولأتم نعمتي عليكم، هذا وعد ولعلكم تهتدون هذا وعد آخر يكون نهيا وأمرا ووعدا وآخر إتمام النعمة يكون بأحد أمرين يكون بالنصر والتمكين أو يكون بالشهادة حكى لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم قصة غلام صغير أرسله الملك لكي يتعلم السحر عند الساحر فكان يمر على راهب فعلمه التوحيد وعبادة الله الواحد ويذهب إلى الساحر بعد ذلك وفوجئ بعد ذلك أن الغلام قد آمن وآمن معه كثيرون وأراد الملك أن يقتله ففشل حتى أنه قال له أولا أدلك على كلمة إذا قلتها قتلتني قال له بالله عليك لئلا يبدأ الناس بالإيمان قال قل لا إله إلا الله آمنت برب الغلام واقتلني فقال بسيطة وقال الكلمة وضرب السهم فقتله
ففاضت روحه الشريفة من أجل توحيد الله أي أنه قدم روحه من أجل القضية فقال الجالسون جميعا من أهل البلد آمنا برب الغلام فهذا هو الأمر فهذا ما يسمونه إما النصر وإما الشهادة فاستهانة الحياة من أجل القضايا والدفاع عنها أمر هو من نعمة الله سواء تم النصر أو لم يتم لأن هذا الكون يدبره خالقه كما يشاء سبحانه وتعالى وليتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون بإتمام النعمة إما
بالنصر والتمكين له مقتضيات الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة لم يفسدوا فيها لم يبغوا فيها لم يستعمروها ويحتلوها ويأخذوا منها ولم يسفكوا لم يقتلوا الأبرياء ولم يسرقوا البترول ولم يفعلوا شيئا أبدا أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر أربعة أشياء هي هذه ولله عاقبة الأمور ولعلكم تهتدون بهذه الهداية ثم يبدأ كلاما جديدا فيقول كما أرسلنا فيكم رسولا منكم وليس من سواكم يتلو عليكم آياته ويزكيكم ويعلمكم
الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون يبقى هنا من الله علينا بأن لم يتركنا مهملين بأن أرسل لنا رسولا وهذا الرسول ماذا يفعل فعل خمسة أشياء يتلو عليكم آياتنا إذا فهو وصلة بين الرب وبين العبيد وهذه الواسطة وإن لم يكن هناك واسطة بين العبد وربه فهناك وساطة بين الرب وعبده وهم الرسل الكرام يتلون عليكم آياتنا أول شيء هي بما
فيها من هدى للمتقين ويزكيكم يعني يعلمكم الأخلاق الكريمة بمنهجه وسلوكه وقدوته في الحياة الدنيا ننظر إلى سيدنا محمد هكذا هو ونقلده ونفعل مثل ما كان يفعل نرى أخلاقه كيف شكلها فلم يضرب لم يضرب أحدا بيده قط ولم يسب أحدا قط بلسانه وكان صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الكامل في فعله وخلقه وهذا أمر يطول وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم