سورة البقرة | حـ 167 | آية 151 : 152 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع سورة البقرة مع كتاب الله يقول ربنا فيها وهو يمتن علينا بإرسال رسوله الكريم وبما قام فيه وبما قام به فينا كما أرسلنا فيكم رسولا منكم هذه المنة رقم واحد يتلو عليكم آياتنا رقم اثنين ويزكيكم، رقم ثلاثة ويعلمكم الكتاب، رقم أربعة والحكمة، رقم خمسة ويعلمكم ما لم تكونوا
تعلمون. من أجل هذه المنة يجب علينا أن نقوم بواجب فرضه الله علينا "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". فإذن الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، من نعمة الله علينا أن أرسل رسوله بالهدى. ودين الحق ليظهره على الدين كله، من نعمة الله علينا أن أرسل إلينا رسولنا الكريم ليخرجنا من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، من نعمة الله علينا أنه قد بلغ عن ربه فما قصر بتوفيق الله له، فترك لنا كتابا محفوظا يتلو
عليكم آياته، إذن فالمصدر الأول هو الكتاب يتلو عليكم آياتنا ثم يعلمكم الخلق الكريم بحياته وبسلوكه بفعله وبقوله ويقول خذوا عني مناسككم ويقول صلوا كما رأيتموني أصلي ويقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ويقول إنما بعثت بالحنيفية السمحة ويقول وهكذا إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزكينا ويطهرنا
ويعلمنا كل خلق كريم، علمنا الرحمة والرأفة، علمنا الصبر، علمنا التوكل على الله، علمنا الحب في الله، علمنا كيف نصلح في الأرض، علمنا كيف نذكر ربنا وكيف نعبده وكيف نعمر كوننا وكيف نزكي أنفسنا. إن مصادر الإسلام في كتاب الله وفي سنة وسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذه السيرة وتلك السنة لهذا الكتاب وتلك التزكية عليها شرح يعني
رسول الله يشرح لنا كتاب الله فإن كتاب الله لا تنتهي عجائبه ولا يبلى من كثرة الترديد وهو كلام الله وهو غير مخلوق فلما نزل إلى الحياة الدنيا وتلاه الناس بألسنتهم وكتبوه في أوراقهم وصارت الأوراق مصاحف وتكلمنا به في صلواتنا تلاوة وقراءة احتجنا إلى ربط ذلك المطلق بذلك النسبي ذلك القديم بذلك الحادث كلام الله الذي هو أعلى الكلام بحياة البشر التي فيها التغيير فكيف يتم ذلك يتم بأن النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا كيف
نفهم كلام الله فيعلمنا ليس فقط يتلو علينا الآيات لكن هذه قضية نقلية توثيقية قام بها خير قيام، أصبح الكتاب معنا يحفظه الصحابة ويحفظه من بعدهم إلى يوم الدين. فما معنى هذا الكتاب؟ كيف نفهم هذا الكتاب؟ كيف نتوصل إلى مراد الله من هذا الكتاب؟ فأتت النعمة الثالثة "ويعلمكم الكتاب". حسنا وهو قد زكاهم بأن أمر ونهى، ولكن على أي مرتبة كان ذلك الأمر وعلى أي مرتبة كان ذلك النهي على مرتبة الوجوب أو على مرتبة
الحرمة على مرتبة الجزم أو أنه على مرتبة الندب والكراهة يعني غير الجزم أو أنه ترك الأمر فسيحا على مرتبة الإباحة كيف نتصرف في أمرين متعارضين فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكمة يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا والحكمة تغير مقاصد تريد أن تصل إلى الأهداف تحتاج إلى شيء من التدبر والتدبير والتفكر والتفكير فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك كله علمنا كيف نفهم كلامه وكيف نفسره فيما أسماه بالحكمة وهذه
هي المنة الرابعة إذا أتى لنا بالمصدر الأول وأتى لنا بالمصدر الثاني وأتى لنا بشرح الأول وأتى لنا بشرح الثاني، فهل توقفت المسائل عند ذلك؟ قالوا: خير رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خير عميم دائم حتى بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، فهو يعلمنا وعلمنا وما زال يعلمنا، أي أن ما انغلقت لو كان أنه جاء بالكتاب والسنة وشرح الكتاب والسنة لكفى، لكنه علمنا وأنشأ في أنفسنا ما نستطيع أن ندرك به الواقع،
الذي تختلف قراءة الناس له. يرى الملحد هذا الكون أنه جاء صدفة، لكنه في الحقيقة جاء من عند الله. يرى المفسد في هذا الكون أن الشهوات هي الأساس ولكن رسول الله علمنا أن القضايا هي الأساس فعلمنا ما لم نكن نعلم وكان فضل الله علينا عظيما وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته