سورة البقرة | حـ 174 | آية 154 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 174 | آية 154 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين، أمرنا أن نستعين بالصبر في حياتنا مع الآخرين، والصبر قد يكون صبرا بالله وقد يكون صبرا مع الله وقد يكون صبرا لله وقد يكون صبرا عن الله والعياذ بالله، إذن فالصبر منه محمود ومذموم، أما الذي هو محمود فالصبر في الله وبالله ولله، وأما الذي هو مقدوح فالصبر عن الله ينزل
الله علينا المحن من انتقاما منا، فإنه يحبنا لأننا صنعته، هو ينظر إلينا وهو رؤوف بنا، ولما خاطبنا قال بسم الله الرحمن الرحيم حتى يطمئن روعاتنا ويؤمن خوفنا، فلما خاطبنا بهذا وتجلى علينا بالجمال ولم يورد عذابا في القرآن إلا ومعه الرأفة والرحمة ولم يتجلى أبدا بالجلال إلا وقد كسا ذلك بالجمال فإنه سبحانه وتعالى قد فتح لنا من أبواب رحمته ونحن من صنعته
فينزل علينا المحن من أجل أن نتذكر من أجل أن نرجع وأن نعود فأصابتكم مصيبة الموت من أجل الذكرى فإن في الموت ذكرى ولذلك كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر بالآخرة ذكرى وإن كانت مصيبة وكذلك الكوارث التي تحدث من حولنا فإنها تذكرنا بتقوى الله وتذكرنا بالأمر والنهي وتذكرنا بأنه يجب علينا أن نعبد الله كما أراد وأن نعمر الأرض كما أراد وأن نزكي النفس كما أراد تذكرنا
بالدين المستقيم فالصبر عن الله أن تنزل بك المصيبة والمحنة فلا تلتفت وتصبر عليها من غير رجوع ولا إياب إلى رب العالمين وهذه مصيبة كبرى وبلية عظمى استعينوا بالصبر ولكن بالصبر في الله ولله وبالله واستعينوا أيضا بالصلاة فإن الصلاة خير موضوع وإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر يعلم ما تصنعون وإن الصلاة صلة بين العبد وربه وإن الصلاة هي عماد الدين وذروة سنامه وأن الصلاة فيها الخير
كله ولذلك أكد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ترى من يسجد لله رب العالمين في العالمين إلا المسلمين لا ترى إلا المسلمين هم الذين يسجدون لرب العالمين حتى إن كثيرا من الناس عندما يدخلون مساجدهم يستغربون ما الذي تفعلونه، نسجد لله رب العالمين، فالحمد لله الذي جعلنا من المسلمين، ثم تأتي الجائزة في آخر الآية يقول الله فيها إن الله مع الصابرين، ومع تدخل على العظيم، فمع تقول جاء الوزير مع السلطان لأن السلطان أعظم من الوزير قيل جاء
السلطان مع الوزير فلماذا قال إن الصابرين مع الله ما كان قال هكذا لأن الله أعظم قالوا والله لا يقولها إلا الله الذي يقول إن الله مع الصابرين محمد لا يعرف أن يقولها هذا من عند الله هكذا هو إن الله مع الصابرين هذا أمر من أمور ربنا هذا جعل الصابرين في المرتبة العليا بحيث أدخلهم بعد ذلك مع تعظيم شأنهم، محمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق يشعر بأنه من الصابرين ويمارس الصبر ويعرفه، ما كان يستطيع وهو متواضع لربه أن يقول لو كان هذا القرآن من عند نفسه أن الله مع الصابرين، ولقال
إن الصابرين مع كان الله مع الله ولكن قال إن الله مع الصابرين هذا كلام لا يعرف كيف يقوله إلا الله هو الذي يمنح ويعطي ويرفع من شأن هذا ويخفض من شأن هذا فرفع بذلك شأن الصابرين فكونوا إذن من الصابرين ولكن لا تسألوا الله الصبر سيدنا رسول الله سمع أحدهم وهو يقول لا اللهم أنزل علينا الصبر، قال: سألتم البلاء، لا تسألوا الله الصبر، فإذا نزل البلاء فاسألوا الله الصبر. نحن لا نسأل الله الصبر بل نقول: خفف يا رب، ولكن إذا نزل البلاء نقول: اللهم اجعلنا
من الصابرين ومع الصابرين. وإلى لقاء آخر أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.