سورة البقرة | حـ 180 | آية 159 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 180 | آية 159 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة نطلب منه الهداية وندعو الله أن يعلمنا مراده من كتابه لعلنا نسعد في الدارين في الدنيا وفي الآخرة. يقول ربنا سبحانه وتعالى في آية عظيمة عليها قوام الدعوة عليها قوام التعليم، وعليها قوام التكافل الاجتماعي، وعليها قوام الوحدة الوطنية، وعليها قوام العمران البشري. إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك
يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إذا ذم من كتم، ذم من كتم، فكتمان الحق محرم. هذا كلام يتعلق بالدعوة. بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكنه يتعلق أيضا بالتعليم فلا يجوز أن نكتم العلم النافع، ولكنه أيضا يتعلق بالحقائق وبالتربية، ولكنه أيضا يتعلق بالاجتماع البشري والاجتماع الوطني، لكنه أيضا يتعلق بالمجال السياسي وبالمجال الاجتماعي وبالمجال الاقتصادي الذي يدعون الآن إلى الشفافية
فيه. الشفافية تعني ماذا؟ قال تعني أن تقول الحق أول مرة هكذا تقول الحق وبعد ذلك قليلا لا تقول الحق، لا يعني ماذا، لا تخف من الباطل يعني شفافية، يكون هناك شفافية بمعنى صحيح وشفافية بمعنى قبيح بحيث إنك عندما ترتكب ذنبا بالليل تقوم في الصباح وتجاهر الناس هكذا بأنني فعلت الذنب، كن شفافا، لا ينفع هذا الكلام هذا كلام يهون الفاحشة في قلوب الناس، وأما الشفافية الصحيحة فما هي؟ هي أن تقول الحق وتجهر به وتستمر عليه ولا تكتم ما أنزل الله من البينات في الكتاب، فعدم الكتمان، ذم الذين يكتمون فهم مذمومون،
هؤلاء يكتمون كتمانا وسترا فيصبح مذموما ما أنزلنا من البينات والهدى، والبينات واضحات. هذه البيانات ما فائدتها؟ البيانات فائدتها أن يكون هناك معيار في المجتمع نرجع إليه الذي نحن نسميه في حياتنا الأصول وأنت تتكلم مع أحد إخوتك تنصحه تفعل له كذا إلى آخره في زواج في زواج في طلاق في معاملة بيع وشراء تقول له لكن هذه ليست أصولا هذه ليست أصولا ما هذه الأصول؟ أي أن البيانات تقتضي أن تكون سمحا إذا بعت، سمحا إذا اشتريت، سمحا إذا تقاضيت. يجب عليك أن تكون صادقا، يجب عليك
أن تكون رحيما رؤوفا، يجب عليك أن تكون خير الناس لأهلك. هذه هي الأصول. هكذا عيب أن يقول لك هذا عيب، ما معنى أن كل واحد يظن في نفسه أنه سلطان، إذا ذابت هذه الأصول وإذا كتمت البينات تاه المجتمع وتاه الناس وأصبحت الحياة لا
تحتوي على لذة حكاية الأصول، فهذه الأصول أيضا تقتضي ماذا؟ أنك أنت إذا أخطأت تعتذر، لا يحدث شيء، فهو لا يقول لك لا تخطئ، وإنما يقول إنك أنت تعتذر أنت ذاهب إلى أين قال لا أنا أخطأت في حق أبي فلان أنا ذاهب لأعتذر له لماذا قال لي لأنني فقط غضبت عليه وهذه ليست من الأصول أن أغضب على الرجل الكبير أو أن أحزن فلانا الضعيف هذا وهو ذاهب لزيارته لماذا لأن هذا أيضا ليس من فالبيانات كلمة لها عمق كبير من الناس يريدون النسبيات المطلقة وأن نحن نسير من غير قواعد ولا أصول ولا شيء اسمه عيب خاصة في مجال السياسة والعقلاء
يقولون لا حتى السياسة لها قواعد ولها أصول وإذا انفرط الحال بين الناس أو بين الأمم أو بين الدول ولم يعد هناك حق ولا باطل ولا عدل ولا ظلم، تسلط القوي على الضعيف وهذا هو غالب ما يحدث في عصرنا هذا، نجد دولا تحارب بجيوشها لاحتلال دول أخرى تحت دعوى أن هذا ليس احتلالا، والله لا يفهمون، نحن إخوانكم لا نفهم، قالوا حسنا وماذا نفعل لكم، ماذا نفعل لكم ما دمتم لا تفهمون حسنا فاشرحوا لنا ما هو الحق؟ قال لا يوجد حق ولا شيء. حسنا ما هو العدل؟ قال لا يوجد عدل في القوة. فنحن هكذا بلطجة إذن، أما نحن هذا في الزمان كنا نسميه بلطجة، اليوم
تسمونه ماذا؟ قال لو صدر منك فهو بلطجة، ولو صدر مني فهو شهامة. يا الله رأيك في هذا أمر عظيم جدا، هذا أمر سيء جدا، سيء تماما، سيء تماما. انظر ماذا فعل الله، هذا أمر قوي جدا أيضا، يقول إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله. قال ابن فورك من كبار العلماء الشافعية تستطيع أن تستدل على الذنب الكبير إذا ورد فيه لعن، إذا قال ربنا إن هذا شيء ملعون أو قال عنه فيكون هذا كبيرة،
فيكون كتمان البينات صغيرة أم كبيرة؟ كبيرة لأنها تجعل الإنسان لا يعرف رأسه من رجليه ولا يعرف كيف يمشي، إذ لا يوجد شيء أقول وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته