سورة البقرة | حـ 181 | آية 159| تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 181 | آية 159| تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة نطلب منه الهداية لعلنا أن يستقيم فكرنا وأن نفهم مراد الله من كتابه. يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يبين لنا أساسا للتفكير المستقيم وأن هذا التفكير المستقيم من أساسه ألا نكتم البينات والبينات هي الأصول التي يجب أن نسير عليها في أي مجال كان إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى وسبق
أن شرحنا شيئا مما تدل عليه كلمة البينات والشيء البين الظاهر الواضح المتفق عليه الذي لا نزاع فيه فمن نازع فيه فإنه ينازع في أسس يهتز بها التفكير المستقيم قال والهدى لأن بعض الأصول التي عليها المجتمعات قبل دخول الإسلام شاعت وذاعت لا تكون على الهدى فلا بد إذن من البينات أن تكون على الهدى فجاءت البينات والهدى لا يصح لمجتمع أن يخالف
ما أنزله الله ويقول هذا ما اتفق عليه الناس لا يصح فرد كله إلى الله هو الذي يحكم حياتنا ويوضح لنا الهدى فيها من الضلال ولذلك يأتي السؤال الآخر وما الهدى فتأتي الإجابة لقد عرفنا البينات هي الشيء البين الواضح ولابد أن تكون هذه على هدى طيب الهدى هذا نأتي به من أين من بعد ما بيناه للناس في الكتاب فيكون الهدى من أين أتيتم من الكتاب حتى لا يأتي أحد ويقول لي أن لدي بينات ولديك بينات وكل واحد يسير وفق بيناته أن لدي أصولا ولديك أصولا قلت
له لا بل يجب أن تكون الأصول حتى تعتبر وتعتمد بين الناس ويكون هناك رضا لله فيها لا بد علينا أنها تكون من خلال الهدى قال لي إذن أنا سأسمي الذي أنا عليه هدى لأن فيه منفعة أو مصلحة أو كذا إلى آخره، وها نحن سائرون. قلت له لا، يجب أن يكون هذا الهدى مما رضي الله عنه. قال كيف؟ قلت له اقرأ الذي بعده مباشرة من بعد ما بيناه للناس. في الكتاب الذي يريد أن يحرف البينات والذي يريد أن يحرف الهدى والذي يريد أن يتلاعب بما أنزل في الكتاب من أصول فقد ارتكب كبيرة ولذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى
جعل بإزاء ذلك الذنب لعنا ارتكب كبيرة تفسد العبادة أم ارتكب كبيرة تفسد العمران لو كان يفسد العبادة فقط تجد أن هذا الذنب مؤجل الحساب عنه إلى الآخرة، وعندما تفسد العمران تجد أن هذا الذنب محاسب عليه في الدنيا. لإنك تقوم بالإضرار بالآخرين أما الثانية تضر نفسك وهو الطعن في العبادة، وتجد أنه قد أرجأك إلى الآخرة حتى ينبئك ربك بما كنت تعمل ويحكم فيما كنت فيه تختلف.
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر نحن أعددنا للظالمين نارا، سيذهب مرحها إلى الآخرة، كفرك وإيمانك أنت حر، لن يفسد العمران البشري، لكن انتهاك البينات والهدى من بعد ما بينه الله في الكتاب يفسد العمران البشري، فربنا يقول إن هذه تفسد العبادة وتفسد العمران معا، أفسدوا العبادة فما جزاؤهم؟ أولئك لعنهم الله وكفى الله لعنه، لا، هذا هكذا يصبح إفسادا للعبادة، وأولئك يلعنهم اللاعنون هذا في الدنيا، اللاعنون هؤلاء هنا، حسنا يلعنون لماذا؟ لأنه يتأذى منه،
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الملاعن الثلاثة، وهو أن يتغوط أحدكم في الظل أو في وسط الطريق أو في مجاري الماء، حسنا وعندما يفسد هذا المكان الذي يأتي فيه الإنسان فيجلس فيتأذى فيقول لعنه الله الذي فعل هذا ليفسد عليه الماء فيقول خرب الله بيتك الذي فعل لعنه الله يا شيخ وهو في الطريق يسد عليه الطريق فيقول لعنه الله اللاعنون هؤلاء اللاعنون يلعنون لماذا لأنه تأذى إذن ففي ذلك إشارة إلى أن كتمان البينات سيؤدى إلى فساد الدين والدنيا، ما هو في ذنوب تؤدي إلى فساد الدين فحسب، وفي
أمور تؤدي إلى فساد الدنيا فقط وهناك أمور تؤدى إلى فساد الدين والدنيا معا، فالكتمان هذا من أي نوع من الثلاثة؟ مما يؤدي إلى فساد الدين والدنيا، ولذلك استحق لعنة من الله ولعنة من الناس، إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، فاللهم سلم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.