سورة البقرة | حـ 189 | آية 166 : 167 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله نلتمس فيه الهدى والهداية في سورة البقرة، يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يحرم تسلط الناس بعضهم على بعض، تسلط الأقوياء على الضعفاء وتسلط الأغنياء على الفقراء وتسلط الحكام على المحكومين في طلب للمساواة التي هي أساس العدل والعدل أساس الملك في طلب للمساواة لا للتساوي فهناك شيخ وهناك تلميذ وهناك غني وهناك فقير وهناك حاكم ومحكوم ولكن يجب أن يكون الجميع سواسية أمام
الله في الواجبات والحقوق ولا يكون هناك تبعية تخرج الإنسان من حريته فتخرجه من مساواته وتكون هناك هيمنة وسيطرة فقد منع الله هذه السيطرة حتى عن رسول الله وهو سيد الأكوان فقال له لست عليهم بمسيطر سيد الرسالة سيد الخلق قال ما جعلوه علينا مسيطرا نعله فوق رقابنا وهو تاج على رؤوسنا صلى الله عليه وسلم وربنا ما جعله مسيطرا وما أرسلناك عليهم حفيظا إذ يقول ربنا إذ تبرأ الذين اتبعوا
من الذين اتبعوا، انظر إلى كلامهم، لا الحاكم والمحكوم ولا الغني والفقير ولا الرئيس والمرؤوس ولا الرجل والمرأة ولا الأب والابن ولا زعيم الطائفة وأفراد الطائفة، لا المتبعون والمتبعون هؤلاء يشملون كل متسلط اتبعوا لأنهم سيطروا وتسلطوا وهيمنوا، إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا الرؤساء العظماء وما إلى ذلك، يأتون يوم القيامة في حالتهم فيرسلها، فقال لهم: ما رأيكم في الذين اتبعوكم
هؤلاء؟ قالوا: نحن نعرفهم يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، هؤلاء أتباعكم. قالوا: لا نعرفهم ولا رأيناهم من قبل، نحن رأيناك يا من قبل يا الله، طيب ولماذا هذا الكذب؟ أنت كنت رئيسي وأنت الذي قلت وأنا اتبعتك، ولا رأيتك ولا أعرفك اليوم، أنا لا أعرف أحدا. طيب لماذا هكذا؟ أنت تكذب الآن. إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا. طيب لماذا يفعلون هكذا؟ خائفون، من ماذا؟ واقفون، وهو من الأسباب. الكذب والخوف، يرونهم لم يعذبوا بعد ولا شيء، هم واقفون في ساحات يوم القيامة فيرون النار من بعيد هكذا وهم يرون
النار فارتعشوا، قال لهم: ها أنتم كنتم تعملون ذنوبا، قالوا: نحن لا نعمل ذنوبا ولا نعمل شيئا، نحن أناس كنا أناسا طيبين تماما، أنتم أضللتم الناس هؤلاء جميعا قالوا ولا الناس هذه كلها نعرفها ولا نريد أن نعرفها تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، حسنا هذا سهل عليهم أن يقولوا هذا، ولكن ما موقفك أنت إذن أيها التابع؟ ألست في ورطة الآن لأن حجتك أن تقول له ربي هو الذي أضلني فأنا مظلوم وضعيف ولا حيلة لي دعني أرى هو الذي قال لا أنت عليك مسؤولية لماذا لم تقل لا سرت هكذا لماذا لكن تريد الإرادة لا يجب عليك إلا أن تكون حرا
إذ تبرأ الذين اتبعوا ورأوا العذاب فلما رأوا العذاب حدث لهم أن العلاقات التي بينهم انقطعت تماما ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب العلاقات مثل الحبل هكذا الحبل انقطع وعندما انقطعت الحبال لم تعد هناك هيئة أن هذا زعيم وهذا فرد من أفراد الناس أن هذا حاكم وهؤلاء محكومون لا بل أصبح كل واحد برأسه فتصبح حضرتك الحجة الوحيدة التي كنت ستراك أصلا الملفات ضاعت الملف الذي أنت عامله وموظفه كله أنك أنت تابعه لا لم تعد تتبعه أنت أصبحت
وحدك هكذا لا تزر وازرة وزر وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ليس في عنق زميله ولا عنق رئيسه بل في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه ليس أخوك الذي هو أنت يلقاه منشورا اقرأ كتابك ليس كتاب غيرك وتقطعت بهم الأسباب موقف عصيب إليه القرآن في طوله وعرضه لأنه لو عملت في نفسك لأصبحت شخصا حرا تعرف كيف تتكلم، لا تتجاوز حدودك صحيح، لا تكلف نفسك ما لا تطيق صحيح، تقوم بدورك الذي أقامك الله فيه ومقامك الذي أقامك الله فيه صحيح، لكن لا تكن تابعا في الشر لأحد ولا تطع أحدا
في الفساد ولا تكونوا ممن يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم على أنهم إن أحسنوا فأحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا فيبقى الذي نقول له أنت فاسد لماذا يقول ما كل الناس هكذا فيبقى إذن وعيه ليس تاما وقال الذين اتبعوا لو أن الله تركونا أم ماذا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا فلماذا لا تأتين لتفعليها من الآن ما دمت هنا ها هو الحق اذهب أنت هنا ها هو تبرأ من الآن فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا هذا الكلام سيقال وهذا الكلام حق
كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما نحن خارجون من النار نسأل الله السلامة والإعانة، اللهم قو إيماننا يا أرحم الراحمين وأقمنا على الحق وأقم الحق بنا من غير شطط واهدنا فيمن هديت وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته