سورة البقرة | حـ 190 | آية 168 : 170 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 190 | آية 168 : 170 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى فيها وهو يخاطب الناس أجمعين. ربنا أحياناً يخاطب المؤمنين وأحياناً يخاطب الناس أجمعين. في خطابه للمؤمنين، فذلك الفعل يتعلق بالإيمان ولا ينتج أثراً إلا مع المؤمن، لكنه... عندما يقول "يا أيها الناس" ويخاطب الناس أجمعين، فإن هذا يجب على كل الناس أن يتمثلوا به وإلا كان فساداً، حتى لو صدر من غير المؤمنين. أما "يا أيها الذين آمنوا"
فلا بأس، فهو خاص بالمؤمنين وبخطاب المؤمنين، ولا يأتي العمل بأثره إلا إذا كان مؤمناً، وغير المؤمن إذا لم يعمل به. لا يؤثر كثيراً، أي أنه ليس مؤمناً، ولكن يا أيها الناس، يجب على البشرية كلها أن تأكل مما في الأرض. يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين. إذن لو امتنع الناس عن الأكل يحدث فساد لي. أنا يحدث فساد ليس قاصراً عليه هو فقط، بل سيحدث لي أنا سواء كان ذلك الشخص مؤمناً
أو غير مؤمن. لماذا؟ لأن الامتناع عن الأكل هذا يوقف دوران السوق. تخيل أن الناس قاطعت الأكل أو قاطعت أكل دولة معينة، سيحدث لها خراب يا أبي. ولذلك عندما يقول لك المقاطعة... سنقاطع الأغذية، ماذا يعني ذلك؟ عندما يقول لك أحدهم: وماذا تعني هذه المقاطعة؟ هذه المقاطعة تخرب البيت. ولذلك وجّه الله الكلام للناس أن الأصل أيها الناس أن تتداول بينكم هذه الأطعمة. فهم المسلمون هذا، فلم يمنعوا عن أوروبا الطعام الوارد إليهم من شرق آسيا عندما كانت هناك
الحروب الصليبية. تعمل في منطقتنا، وكان من الممكن جداً أن يقولوا إن هذه القوافل لا تمر من هنا، ولو لم تمر من هنا لماتت أوروبا، لكنهم لم يفعلوا. قال لك إن الشعوب شيء والحكومات شيء آخر. إذاً يا أيها الناس كلوا مما في الأرض، وهي مهمة موجهة إلى الناس أجمعين حلالاً، يبقى إذاً... ما حرّمه الله انحراف عن الفطرة وإهدار للمال وللموارد البشرية، ولذلك عندما يأتي شخص ويقول لي: "أنتم لديكم أزمة لحوم"، أقول له: "نعم". فيقول: "ألا تربون خنازير؟" هذا
لا يصلح لأن الله قد حرم أكل الخنزير. إنه فساد أن أحل مشكلة نقص البروتين بأكل الخنزير. الكيف والكم معاً وليس... إليكم فقط: كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً، ولا تأكلوا أي شيء غير مناسب. لا يصح زراعة الأفيون والحشيش من أجل أن تكون مورداً للدولة. هناك دول جعلت مواردها، وهناك جماعات جعلت مواردها من المخدرات.
هذا فساد في العالم، فساد ليس قاصراً على المفسد فقط، بل... للعالم كله ولا تتبعوا خطوات الشيطان لأنه يريد أن يفسد عليكم حياتكم إنه لكم عدو مبين، عدو واضح، إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وبدأ هنا بعد ذلك، كما قال لنا في البداية: إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين، فيأتي هنا يقول لي. إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون. ففي مفاصلة بيني وبينه ولكن لا أفاصله وأفعل فعل إبليس. إنه
يلبس الحق، وأنا لم ألبس الحق. هو يأمر بالسوء والفحشاء، وأنا لا يُؤمَر بي بالسوء والفحشاء. وبعد ذلك أقول: الله يلعن إبليس. حسناً، لكن لا تكن أنت مثله. إبليسٌ من أبالسة الإنس لا، فإبليس هذا عدوٌ لك وعدوٌ مبينٌ في تصرفاته، فلا تدعه يخدعك وتجعلك تفعل مثله. فقبل أن تلعنه ابتعد عن أفعاله، فهو مثالٌ للشر، فلا تخدع نفسك ولا تُشوِّش عليها. وإذا قيل لهم هذه الطائفة من الناس، ومن الناس من يتخذ من دون الله. أندادًا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبًا لله. فراح قيل عليهم هنا ما هو الحال، وإذا قيل لهم لهؤلاء
الناس الذين يتخذون من دون الله أندادًا اتبعوا ما أنزل الله، قالوا: بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا. وهذه وضعت قواعد التغيير ومناهج التغيير أنه يجب علينا أن نغير. يجب علينا ألا نستمر على ما وجدنا عليه آباءنا، بل يجب علينا أن نخرج منه وأن نتطور مع مقتضيات العصر، وألا نقف عند ما وجدنا عليه آباءنا. إن ما وجدنا عليه آباءنا إما أن يكون مناسباً لعصورهم وإما أن يكون غير مناسب لعصورهم،
فإذا كان مناسباً لعصورهم فاتباعنا لهم فيه... وسحبٌ للماضي على الحاضر وهذه مفسدة لأنني لا أقوم بواجب وقتي إنما أعيش في جلباب أبي، فإذا كان ما فعلوه كان خطأ في عصرهم أيضاً فإنني أرتكب جريمتين: أنني أعيش في جلباب أبي وجلبابه مدنس، فأكون قد ارتكبت جريمتين لا جريمة واحدة. إذا كانوا عقلاء فهي جريمة، وإذا كانوا غير ذلك... عقلاء، فتكون جريمتان. وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم
لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون، فيكونون هنا يرتكبون ماذا؟ جريمتين. فنسأل الله أن يمكننا من عمارة الأرض ومن عبادته كما أراد. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله. وبركاته