سورة البقرة | حـ 191 | آية 171 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سورة البقرة يقول ربنا: "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، صم بكم عمي فهم لا يعقلون". فهذه صورة جعلها الله سبحانه وتعالى وصفا للكافرين الذين يرفضون سماع الحق يرفضون الحوار يرفضون بناء الجسور يرفضون
حتى المناقشة وهذا الرفض يأتي من عدم إدراك الواقع ويأتي من الاستهانة بالحقائق وماذا يعني ويأتي من كبر في القلوب هذا الكبر يمنع صاحبه من أن يستمع إلى الحق وإلى الإنصاف وهذا الكبر لا يرى فيه أحدهم إلا نفسه ليس هناك أحد آخر أنا فقط ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء فينعق يعني
يتكلم ولكن يتكلم كلاما لا علاقة له بما نقول وهذا الذي يسمونه في السياسة وفي الآداب حوار الطرشان أطرش يعني أقول له انتبه إن هناك إله خلق الخلق فيأتي يكلمني في شيء آخر وكأنني لم أقل شيئا أقول له المقدسات يجب ألا تمس فيقول لي لكن
أنا ألمسها ولم يحدث شيء أقول له الصلاة لا تصح إلا بالوضوء، لا تصح الصلاة بغير وضوء فيقول لي لكن أنا صليت بغير وضوء أمس ونفعت يا الله ما هذه الحكاية، إنه لا يسمعني إطلاقا، إنه لا يفهم، إن هناك شيئا يسد أذنيه بحيث أنني أكلمه في أمر فيرد عليه في أمر آخر. العامة أخذوا هذا الكلام وجعلوه مثلا يقول لك نقول له طر يقول احلبوه، نقول له هذه معزة فيقول المعزة ولو طارت وما إلى هذا الثور ذكر البقر، والبقرة نحلب منها اللبن النافع ولكن الثور
لا يحلب، فنقول له هذا ثور حقيقته كذلك فلا يرضى، يقول لك مع ذلك احلبوه أيضا، حسنا نقول له ماذا؟ انقطع التفاهم معه، نقول له يا أخانا سيدنا محمد مقدس عند المسلمين لا يجوز المساس به وإلا قد تكون احتقرت الأديان فيقول لك الله أما أنا فعلت ذلك واحتقرت ولم يحدث شيء لا بل حدث أنك أهنت الآخرين حدث أنك أوقعت فتنة اضطرت الناس إلى أن يقاطعوك ويخاصموك وهكذا ونحن نبني وأنت تهدم قال لكن أنا أصلا هذه حرية أنا في حرية
تقول له ثور فيقول لقد أحببته ولكن لا يوجد تواصل مع هذا الصنف من الناس، فهو لا يفهم، مسكين لا يدري ماذا يقول، ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، يتكلم بكلام غير مفهوم وكلام في موضوع آخر، والتواصل منقطع بيني وبينه، أقول له شيئا فيقول لي شيئا آخر ونداء هو يسمع صوتي لكن لا يفهمني إلا دعاء ونداء هو يسمع أقول له أنت تسمعني قال لي نعم فقلت له فاهمني قال لا أنا لا أفهم لماذا تفعلون هذا قم لنشرح له قم فتعب مرة أخرى يقول أيضا لا أفهم لماذا تفعلون هذا آه هذا عمى قلب إذن هذا
يعني عمى قلب قوم وصفهم ربنا بقوله يعني هؤلاء مساكين ليس لديهم إدراك صم بكم عمي فهم لا يعقلون أخذ من العلماء أمرين أن هذه حالهم هكذا أن كلامك لم يصل إليهم أنت تقول شيئا وهم يقولون شيئا آخر كثير من الناس يقول لك هذا المسلمون يعني مقصرون في تبليغ الدعوة هذا صحيح مقصرون في تبليغ الدعوة بصورة لافتة للنظر هذا صحيح لكن على فكرة الآخرون أيضا صموا وبكموا لا يريدون أن يسمعوا ما هو لا يريدون فلازم وأنت تصل إليهم فتصبر حتى تسمعهم وحتى تنطقهم وحتى تريهم وهذا يحتاج منك إلى
ما هو إذن الصبر، صبر مهما كان، ولا صبر أيوب، يكون الداعية أول صفة له ما هي؟ الصبر، وهذا الصبر مرتبط بالدعوة أم غير مرتبط بالدعوة؟ يقول: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين، واصبر إلا بالله انظر كيف أصبح يكون هنا واصبر وما صبرك إلا بالله فقال وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله فالصبر
في الدعوة لماذا لأنه عندما تكلمه حتى لو أديت ما عليك يحدث أنه ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء يعني ماض يتكلم كلاما لا علاقة له بما تقول فيبقى كلامك وصل أم لم يصل لم يصل وعندما لا يكون عندما يكون كلامك لم يصل تصبر أم تضجر لا تصبر ما هو قال فاصبر وما صبرك إلا بالله أتنتبه طيب ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما ربما ويأخذون، نحن قلنا أخذوا شيئين أخذوا من العقل جزءا منه وهو الإدراك، فيبقى
لو أن الإنسان فقد سمعه وبصره وكلامه فأصبح أصم أبكم أعمى فيبقى إذن ما لا يوجد عقل، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم