سورة البقرة | حـ 193 | آية 173 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى ومع سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وهو يرسم لنا معالم الحلال والحرام ومعالم الأمر والنهي افعل ولا تفعل إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله يبقى هذه هي المحرمات في الأكل لأن الآية السابقة تقول يا أيها الذين آمنوا كلوا من
الطيبات ما رزقناكم ولم تقل كلوا واشربوا فالأكل والشرب يعد طعاما فالطعام يدخل فيه الأكل ويدخل فيه الشرب كله إذن الأكل هو ما يحتاج إلى مضغ والشرب لا فالشرب معروف نبتلعه مباشرة ابتلاعا معناها أنني قد ابتلعت الطعام دون مضغه كأنه قد تشبه بماذا بالشرب فيتعب يا أيها الذين آمنوا كلوا وذهب محدد ما حرمه يعني ماذا يحدد ما حرمه نأخذ قاعدة جليلة من هذا أن المحرم هو الأقل ما
هو لو كان يعني المحرم هو الأكثر لقال لنا الحلال ماذا فلما قال لنا ما معنى الحرام؟ معناه أن كل شيء بعد ذلك حلال، إذ فذكر المحرم يعني في مواضع الذكر هكذا، أول ما ذكرناه أنه هو الأقل، ولذلك جاءوا بقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، لماذا الأصل في الأشياء الإباحة؟ لأن الله قد حدد وذكر المحرم فدل ذلك على أن باقي الأشياء كلها مباحة إنما حرم عليكم الميتة وهذا رقم واحد والدم الدم
المسفوح لأن الدم كانوا يشربونه والدم نجس فحرمه الله سبحانه وتعالى لأنه لا يليق بالإنسان والله يعلمه مكارم الأخلاق أن يحب منظر الدم أو سفك الدماء ولكن هناك دم ولكن هناك دم غير مسفوح يتمثل في الكبد تجد الكبد هذه كلها لونها أحمر هكذا لماذا لأن كل أنسجتها مملوءة بالدم عندما تشتري كيلوغراما من اللحم من عند الجزار وتضع قليلا هكذا تجده نزل
شيء ولكن ليس مسفوحا ليس مسفوحا يعني ماذا يعني ليس جاريا هذا موجود ولكن هكذا فهذا حلال فالمحرم هو الدم المسفوح والمسفوح معناه الجاري الذي كانوا في الكؤوس كانوا يشربون الدم في الكؤوس والعياذ بالله تعالى، إذن فهذا الدم حرام لما قال الدم دم ماذا إذن قال كله كل الدم، ولذلك جاء الاستثناء والقيد القيد الدم المسفوح فأصبح هنا مطلقا وهناك مقيدا فحملنا المطلق على المقيد والقاعدة تقول
هكذا إذا جاء شيء مطلق في مكان ومقيد في مكان حملنا المطلق على المقيد هذا الدم المسفوح مقيد هو بالمسفوح واستثناء النبي ميتتان ودمان الميتتان أحلت لنا من الميتة الجراد والسمك والدمان الكبد والطحال فإذا الكبد والطحال حلال فلا يأتي أحد يقول إنهما دم لأنهما مستثنيان من الدم فالكبد والطحال وما لم يكن مسفوحا كالآثار التي نراها في اللحم كل هذا مباح لا يحرم منه شيء وتبقى الألف واللام في الدم هنا للعهد يعني الدم الذي بيننا
والذي نعرفه جميعا وهو الذي يشرب هذا المسفوح الذي في الشيء ولحم الخنزير وهذا أصل شريعة موسى سيدنا موسى حرم الخنزير ولذلك تجد اليهود إلى يومنا هؤلاء يحرمون الخنزير ولا يأكلونه أبدا لأن هذا أصل الشريعة وحتى الآن حتى عند أولئك الذين يأكلون الخنزير ويربون الخنازير فإنهم يشتمون بالخنزير وانتبه يقول لك والله هذا البعيد هذا خنزير والله ألست تعرف أنه شيء منحط لا يؤكل ولا يقرب منه وكان العلماء قديما يقولون إن هناك تأثيرا بين الطعام والأخلاق، أي عندما
يأكل المرء لحم الغنم يصبح فيه هدوء، وعندما يأكل لحم الإبل يصبح فيه جموح، وعندما يأكل لحم الخنزير يصبح فيه بلادة وهكذا، وما أهل به لغير الله وما ذبح للصنم ولغير الله من الشرك، إذن الميتة والدم ولحم الخنزير كأن حرمته ذاتية وما أهل به لغير الله كانت حرمته عرضية لأن هذه الذبيحة بالذات شاة حلال ولكنها لما أهل بها لغير الله حرمت من الناحية المعنوية فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه قاعدة كبيرة فمن اضطر
إلى أن هناك فعلا قد يكون محرما لكنه منه الإثم يسحب منه الإثم إذا كان في حالة الحاجة أو الاضطرار ولأن هذه القاعدة في منتهى الأهمية فإننا نبدأ بها في الحلقة القادمة فإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته