سورة البقرة | حـ 195 | آية 174 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلمنا الهداية والهدى أن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم اللهم وألا نحجبه عن الناس كما
حجبت الكتب عن الناس في أمم أخرى، فكتبت بلغات غير شائعة وحفظت في الخزائن وفي قدس الأقداس وفي بيوت لا يطلع عليها الناس، ولكن كتابنا مسموع مقروء لا سر فيه، يقرؤه الأمي ويسمعه ويحفظه، ويقرؤه العالم والعامي، ويباع في كل مكان علانية من سر وهو مقدس عندنا نرفعه فوق رؤوسنا ونعظمه غاية التعظيم لا نلمسه إلا ونحن على وضوء
وإذا وضعناه في المكان الأجل الأعلى لا نضع فوقه شيئا ولا كتب العلم ولا حتى أحاديث سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم تعظيم شديد وحرمة عظيمة لكنه بأيدي الناس لا نمنعه عن حتى غير المسلم وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه يبقى اسمها نقول لها ماذا في المثل المصري العين بينة العين بينة ما يوجد أسرار هاك خذ اقرأه كل الناس تقرأه كل الناس تقرأه جميعهم
هاك بلغة واضحة جلية بينة بحيث أنه لو كلما تمنينا شيئا منه يأتي على الفور قائما النفر من هؤلاء ويقول يا الله يا مولانا يا مولانا ما هو ولو أخطأ حتى إمام في الصلاة وهو يصلي هكذا أخطأ في أي شيء قم تجد الولد الصغير الذي يحفظ بهذا المقدار هو يرد عليه ويجب عليه أن يطاوع ألا يلتفت لا يا ولد أنا أكبر منك، هذا هو الكتاب، والله أصله كله، كل الناس معهم، إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب، فيبقى الكتاب والكتمان الحسي هكذا كان موجودا، كان نفس الكتاب محفوظا في قدس الأقداس بعيدا عن
الناس، لكن الآن لا، كتابنا نحن لا، ما الحجة؟ قال لك لكي لا يحرف ولا لكي لا يزيد فيه أحد ولا ينقص منه، طالما أنه في أيدي الناس ولم يستطع أحد أن يفعل به شيئا ولا حرفا ولا كلمة ولا أي شيء، إذا كان من طبيعة الناس أن يغيروا كتبهم فتكون هذه معجزة، وإلا فلماذا لم كل واحد ما لا يعجبه شيئا يزيله من مصحفه وكان سيصبح لدينا تسعمائة ألف مصحف، لا بل هو مصحف واحد هنا باللغة العربية يذاع، أنشؤوا شيئا يسمى إذاعة القرآن الكريم، إذاعة القرآن الكريم هذه ماذا تفعل طوال النهار لمدة
أربع وعشرين ساعة لمدة سبعة أيام في الأسبوع ثلاث مائة وخمسة وستون يوما في السنة تذيع القرآن على ما يسمع الناس، وهناك أناس اعتادوا أن يقرؤوا الختمة أي يستمعوا إلى الختمة من الإذاعة ويمضون هكذا يقولون نعم ختمنا إذن ها هو يختمه في أسبوع مرتين لأن الناس أحيانا هكذا وأحيانا هكذا والله يكون إذا كنا سنعرف أن نختم الكتاب لا نعرف ماذا نعرف، فقد تناولنا الكتاب وقلنا: طيب، وهذا التأويل باطل. قالوا: لا، منه صحيح ومنه قبيح، الصحيح
صحيح والقبيح قبيح. من الضابط لهذا؟ سنة سيدنا رسول الله. "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون". إذن فسنة سيدنا رسول الله من الذكر وهي محفوظة "إنا نحن أنزلنا الذكر ولم يقل القرآن بل قال الذكر وإنا له لحافظون والذي يحيد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون حائدا فهل هذا كتمان أم هو نوع من أنواع التأويل والانحراف وليس نوعا من أنواع الكتمان فهل تبقى هذه الأمة محفوظة أم لا إن كتمت شيئا من كتابها بالمعنى الفني للكتمان، لا تعرف هذه الأمة كيف تكتم شيئا من الكتاب، فالكتاب موجود ولا يستطيع
أحد أن يكتم فيه شيئا، وفي يد كل واحد مصحف وفي بيت كل واحد من خمسة إلى ستة مصاحف، هذا إن لم يكن أكثر بالعشرين والثلاثين والأربعين، لا يستطيع أحد أن يكتم شيئا من شيء والحمد لله رب العالمين مصيبة أخرى إذن هذا الكتمان من أجل أن يصنع طائفة تتحكم في الناس ويشترون به ثمنا قليلا يقول له حسنا انتظر حتى أدخل الكتاب الذي هو السري وبعد ذلك يقول له آه هذا الكتاب يقول يمينا الكتاب يقول شمالا كله كذب أولئك ما يأكلون في هذا في الدنيا يبقى ما فيه بركة ولا يكلمهم الله يوم القيامة لأنهم كانوا حجابا
بين الله وخلقه ولا يزكيهم لأنهم كانوا يريدون الدنس لا المقدس ولهم عذاب أليم لأنهم كانوا يفسدون في الأرض، نعوذ بالله من أولئك ونرجو من الله التوفيق وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة وبركاته