سورة البقرة | حـ 197 | آية 177 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة مع قوله تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين
البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون، آية لو أننا عشناها كما عاشها السلف الصالح لملأنا الأرض نورا كما ملؤوها، ولو أننا فهمناها كما فهمها جيل الصحابة الكرام من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن هذا أبدا حالنا، وكأن المسلمين قد فعلوا عكس ذلك فجعلوا البر في تولية الوجوه قبل المشرق والمغرب، ولم يجعلوا البر
إيتاء الزكاة وصوم رمضان والامتناع عن شرب الخمر وعن أكل الخنزير وعن الفحشاء والمنكر والزنا شعائر ومعالم للحلال والحرام، وهناك قضية يبقى هناك شعائر وهي مهمة وقضية وهي المقصود بالذات، والقضية تتعلق أولا بالقلب من الإيمان بالله واليوم الآخر والوحي والغيبيات
التي صدقنا فيها ربنا، وتتعلق أيضا بفعل الخير وعمارة الدنيا، وتتعلق أيضا باحترام تلك الشعائر من حيث إنها عبادة لا من حيث إنها شكل ومظهر. ما هي الشعائر؟ لها قسمان. شكل ومنظر وحقيقة، ليس البر أن تحول العبادة والقضية إلى عادة، ليس البر أن تحول العبادة إلى
عادة، فتجد الواحد يصلي وبعد أن يصلي يخلف الوعد ويقطع الرحم ويفسد في الأرض، لا ينفع ذلك، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون، تجده يظهر الإيمان ويؤمن بهذه القضية ولكنه لا يساهم في عمران الدنيا، لو أن هذه الآية عاشها المسلمون ما هو موجود في أنك فهمتها هذه مرتبة، آمنت بها هذه مرتبة ثانية، امتثلت لها هذه مرتبة ثالثة، عشت فيها هذه مرتبة رابعة،
لو عاشها المسلمون لتغير حالهم إلى أحسن حال، ليس البر يعني ليس هذا هو المبتدأ، فأين الذي عليه التركيز؟ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب وتتحروا الإبرة وتتخاصموا في المساجد على أنها هكذا أم هكذا، أمر يعني أنهم يريدون أن يروا الكعبة، هذا ناتج من الاهتمام بالقضية أم ناتج من أنني لا أجد شيئا أفعله فبحثت عن شيء يشغل بالي فيه يختلف إذا
كان ناتجا من اهتمام بالقضية كنت تتعلم علم الجيوديسيا لكي تعرف أين القبلة وكنت تساهم في حل معادلاتها أما إذا كان ناتجا من أنك فارغ فقم واذهب لتحضر بوصلة صنعت في الصين واستعملها وانظر أين القبلة أليس من المخجل أن البوصلة صنعت في الصين لا أحد يعارض أن يخدم الصيني العمارة، ولكنني أسألك أنت الذي تركت العلم وتركت العمارة واشتغلت بماذا؟ أين القبلة؟ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله، لأن الإيمان
بالله يدلك على بداية صحيحة ولأنه هو القضية، واليوم الآخر لأن اليوم الآخر يتحكم في سلوكك في هذه الحياة الدنيا تقدم على الخيرات وتحجم عن المنكرات، الإقدام والإحجام ما الذي يتحكم في الإقدام والإحجام؟ الإيمان باليوم الآخر مع الإيمان بالله والملائكة والكتب، التكليف الذي نقيمه في الدنيا والنبيين الموصلين لهذه الكتب، آمنا بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين في عمل وعمل متعد إلى الغير في نفعه وآتى
المال على حبه تحب المال أنت كثيرا تحب الخير الذي هو المال هذا هو حبا لذوي القربى تعطي قريبك أنت غني أعط الفقير واليتامى اليتيم هذا يحتاج حنانا ويحتاج إنفاقا في غالب الأحيان أحيانا يكون عنده مال وأحيانا لا يكون عنده مال والمساكين وابن السبيل والسائلين كله في خدمة اجتماعية في تكافل اجتماعي في أمان اجتماعي وفي الرقاب حرر العبيد لا يريد عبيدا هو لا يريد لذلك وأقام الصلاة وآتى الزكاة والأخلاق إذن والموفون بعهدهم
إذا عاهدوا إذا أردنا تفسير هذه الآية نقعد فيها سنين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله