سورة البقرة | حـ 199 | آية 178 : 179 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى "يا أيها الذين آمنوا"، إذا هذا خطاب خاص بالمؤمنين يصلح حالهم، يوحد قلوبهم، ييسر عملهم وييسر التكليف عليهم، وهكذا ما دام قال "يا أيها الذين آمنوا" لما يقول يا أيها الناس فإن هذا المعنى لا بد لجميع الناس مؤمنين وغير مؤمنين أن يأخذوا به وإلا فإنهم يكونون مفسدين في الأرض كتب عليكم القصاص في القتلى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى
فالقصاص رادع يمنع الجريمة قبل وقوعها يسمونه الردع الوقائي سبحان الله عندما الإنسان يعرف أن هذه الجريمة عقوبتها لا تمر بسهولة هكذا فإنه يرتدع، ولذلك كانت عملية القتل عملية صعبة على النفس، عملية العدوان على الجسد أيضا عملية صعبة على النفس، فالقصاص في القتلى يردع هذه الجريمة. الآن بعض الناس خرج وقال لا هذا لا يردع الجريمة ولا شيء، كيف قال ألغوا
هكذا؟ عقوبة الإعدام ستجدون عدد القتلى واحدا، عدد القتلى ما زالوا هم أنفسهم، عدد القتلى الذين كانوا موجودين عندما كان هناك إعدام، إذن وجود الإعدام مثل عدم وجوده، القصاص مثل عدمه، قلنا لهم في أمرين أن هذا اسمه خداع الإحصاء، لها خداع هكذا أي في أرقام وهذه الأرقام لا تعطي الحقيقة أنه يوجد في شعب خمسون مليونا، في قتل،
في قتل ثلاثة آلاف، القتل الثلاثة آلاف هؤلاء ذهب القاضي فأعدم مائة فقط والباقي لم يحكم عليهم مثلا، طيب وبعد ذلك لما توقفنا عن الإعدام ارتفع عدد القتلى إلى أربعة آلاف والقاضي حكم من الأربعة آلاف على مائة فقط بعقوبة طويلة عقوبة الإعدام تعني السجن مدى الحياة، السجن كذلك ويقول لك هذه المائة مثل هذه المائة، أفهذا كلام؟ هذه المائة مثل هذه المائة، أهذه مقارنة؟ هذه هي المائة
التي حكم فيها القاضي وهذه المائة التي حكم فيها القاضي، ولكن عدد القتلى كم، وليس عدد المحكوم عليهم كم يلعبون بهذه الأرقام، رقم واحد رقم اثنان، القصاص غير الإعدام، القصاص الذي من عند الله له نظام، ما هذا النظام؟ قال لك ولي المقتول أبوه وأخوه وهكذا إلى آخره، أولياء المقتول لهم العفو مجانا، يقولون انتهى الأمر نحن عفونا عن القاتل لوجه الله، وهذا ماذا يفعل؟ نعم هذا القاتل لا يعرف كيف يقول لهم هذا أنتم أحييتموني أنا آسف لأنني قتلت ابنكم أحيانا الولد المقتول هذا يستحق القتل وهم
يعرفون ذلك يقول له الحمد لله لقد مات وانتهى الأمر فالمعاني تبدأ تعود إلى الناس مرة أخرى أو إن لم يكن كذلك يكون قد حدث من قبل فيدفع الدية وهذه لأبنائه والديه مبلغا كبيرا مائة جمل كي يستفيد الأولاد من هذه الثروة التي كانت لأبيهم الذي توفي أو يصمموا على القتل فيكون القصاص نظاما وليس هو القتل فحسب بل نظام كامل إذا أردت أن تدرسه فلا تقارنوه بالإعدام فقط قارنوه بالدية والعفو هذا نظام
متكامل يشتمل على القتل ويشتمل على ويشتمل على العفو وكل واحدة من هذه لها أثرها في المسألة كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان يبقى إذن يمكن أن يكون فيه قصاص بالقتل ويمكن أن يكون فيه قصاص بالدية وإذا كان في ذمتك الدية يجب أن تؤدى بإحسان ولا تماطل بعد أن خرجت وتلعب، ذلك تخفيف من
ربكم ورحمة أنه لم يحتم عليكم القتل وأتاح للإنسان المخطئ أن يتوب، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم بشرط ألا يكون ذلك ديدنه ويفرح بالخروج من المأزق ويذهب ليعتدي اعتداء جديدا. فيضيف إثما على إثم ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون، هذه آية تحتاج إلى أن نفرد لها الكلام وحدها لما اشتملت عليه من إعجاز، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.