سورة البقرة | حـ 201 | آية 179 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 201 | آية 179 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة مع قوله تعالى "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون". بينا في حلقة سابقة كيف أن هذه الآية تشتمل على مبدأ قرآني مهم وهو أن القصاص وكيف أن هذه العبارة قد فاقت كل كلام البشر فعندما قارنوها يبتغون بذلك أن يعلوا كلاما للبشر فوق كلام الله فإذا بكلام الله يفوق كلام البشر القتل
أنفى للقتل وادعوا أن القتل أنفى للقتل ثلاث كلمات وفي الحقيقة هي أربع القتل أنفى لماذا ما هو الذي هذه أيضا حرف وكلمة القتل فهي أربعة أما هذه في جهة المقارنة فالقصاص حياة كلمتان والقتل أنفى للقتل خطأ والقصاص الحياة صحيح والقتل أنفى للقتل تكررت فيها كلمة قتل والقصاص حياة لم تتكرر والقتل أنفى للقتل ثقيلة على السمع والقصاص حياة بدأت بالقوة وانتهت باللطف في كلمة الحاء والياء والألف والهاء من حياة فيها لطف وتخفيف لهذا القصاص والقتل مسألة فردية
قتل، ولكن هذا مسألة تشتمل على العفو أو الدية أو القتل وهذا المعنى القصاص حياة لا يقف عند القتل فالقصاص في الجروح والجروح قصاص ولكن القتل بذاته للقتل يشتمل على منحى واحد فقط وهو القتل فالحمد لله الذي شرح صدورنا لفهم كتابه القصاص حياة وهي كلمة صادقة لأنها تدعو المؤمنين إلى تقوى الله، إما بأن يحجموا عن الجريمة وإما
بأن يحكموا بالعدل بعد وقوعها. يبقى فيها جانبان "لعلكم تتقون"، الجانب الأول أنها رادعة عن فعل الجريمة، والرادع عن فعل الجريمة تقوى ووقاية من الجريمة ووقوعها وفسادها. و"لعلكم تتقون" بإقامة القصاص الذي فيه ويشتمل على العدل بين الناس فلا تذهب الدماء هدرا إذا فيجب علينا أن نتدبر القرآن كما أمرنا ربنا فلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا
فيه اختلافا كثيرا يا أولي الألباب واللب هو العقل فهو يخاطب العقلاء لم يستعمل القرآن أبدا كلمة عقل وإنما استعمل الفعل يعقلون وتعقلون والعقل سمي عقلا لأنه يعقل الإنسان ويمنعه ويقيده من شهواته، فالعقل هو عملية من سمي هذا الشيء باسم المصدر بالمصدر يعني نفسه بالكلمة التي هي مصدر عقل، يعقل عقلا فأصبح العقل هنا عقل، يعني إما فهم وإما معناها منع، عقل الدابة
يعني قيدها فالعقل يقيد لكن اللب يطلق ويراد منه ذلك الفهم الذي يقوم به العقل وذلك الشعور الذي يقوم به القلب فربنا لم يستعمل كلمة عقل هكذا أبدا وإنما يقول الألباب لماذا قال لا بد أن يعلو القلب التعقل والعقل هذا القلب فوق العقل والعقل فوق النشاط والسلوك والحراك أفعال الجوارح بعضهم
عكس فجعل النشاط قبل العقل والعقل قبل القلب واسكت القلب فمات، نحن لا نحن نجعل القلب فوق العقل والعقل فوق النشاط، فلما نأتي لننشط سنعمل شيئا قم نفكر، ولما نأتي نفكر قم نستشير قلبنا هل هو مطمئن أم لا، فنجعل الاطمئنان هو الحاكم هو الأعلى وانشراح الصدر هو الحاكم وهو الأعلى ثم هذا الكلام فعلا هو كلام عاقل وفكر مستنير فيأتي النشاط وقد صدر تحت العقل والعقل تحت القلب نشاطا مقبولا نشاطا يرضى
عنه الله لما يتسارع الناس في النشاط قبل التعقل ويجعلون العقل دائما يعلو على قلبهم فيسكتونه اسكت أنت حرام لا هكذا قلبي غير مطمئن يقول اسكت مصلحتي فالعقل يصمت أحيانا أما القلب فيظل يصمت ويصمت حتى ينفجر فربنا ناداهم بهذا الترتيب أن القلب فوق ثم العقل والعقل مهم أيضا لا مانع قم اختر كلمة تدل على الاثنين معا وهي الألباب فاللب ليس هو محض التفكير اللب هو ذلك التفكير الخاضع للإيمان والشعور
والحب والمعاني السامية هو ذلك اللب، فسمي القلب لبا وسمي العقل لبا، فاللهم اجعلنا من أولي الألباب، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.