سورة البقرة | حـ 204 | آية 181 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 204 | آية 181 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، اللهم افتح علينا فتوح العارفين بك واشرح صدورنا للإسلام وعلمنا مرادك من كتابك واجعلنا في ظلاله إلى أن نلقاك واهدنا واهد بنا يا رحمن، مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يقرر شأن الوصية فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم، الوصية لها إنشاء ولها إثبات،
إنشاء الوصية لا يكفي فيه عقد القلب، عقد القلب يعني نويت وصممت في قلبك وعقدت النية، عقدت النية يعني ماذا؟ ما هو أحيانا يأتي للإنسان هاجس خاطر حديث النفس هم وبعد ذلك تأتي النية فتكون هذه النية من مراتب القصد المؤكدة، النية هي القصد المؤكد، خطر في بالي هكذا أن نعمل وصية فهذا لا يجوز، طيب الخاطر تحول إلى أشد منه حديث نفس أيضا فهذا لا يجوز، هم نفسي
طاقت وتشوقت ومالت إلى أن نعمل الوصية أيضا انعقد قلبي عليها ولم أنطق، هذا لا يصح. أليس الله ربنا رب القلوب؟ قال لا، رب القلوب في العبادات، رب القلوب في الأذكار والأدعية، رب القلوب في نيل الحسنات وفعل الخيرات، لكن في العقود لا بد من الألفاظ. لا يصح أن أنوي بقلبي أنني أتزوج، يجب أن أذهب إلى الفتاة زوجتك نفسي أو وليها يقول زوجتك ابنتي أو أختي وأقول قبلت، لا يصح أن أصمت هكذا، هو والرجل يقول لي زوجتك ابنتي وأنا صامت هكذا، هل وافقت أم
قلت له يا أخي الله رب القلوب بقلبي، هي في قلبي من الداخل لكن كلام لا يوجد، لا يصح ركن من أركان الذي لا بد أن يقول لزوجتك نفسي، قم في الثانية، يقول قابلته، طيب والذي في القلب من غير لسان لا ينفع، ولو كان الاثنان يحبان بعضهما البعض ذائبين في بعضهما ذوبانا وبرغم ذلك لا ينفع، لا بد أن ينعقد العقد باللفظ، هذا نسميه مرحلة ماذا؟ إنشاء العقد، عقد الزواج من شاهدين حتى يتم، لا بد فيه من الولي عند الشافعية، ليس ضروريا عند الحنفية حتى تتم أركانه كذلك. طيب فما الوصية، عقد
من العقود فلا بد فيها في إنشائها من اللفظ، لا يكفي عقد القلب، فلا بد أن أقول أوصيته أولا أوصيت بماذا لا تملك ما ليس بملكك، الجيران لا تقل أوصيت بالمبلغ الذي زوجتي ادخرته في مصرفها، الله طيب، وأنت ما شأنك؟ وما المرات؟ أنت تصف ملك غيرك، يجب أن يكون في ملكك، ولا بد أن يكون أقل من الثلث، ولا بد أن تعلم لمن أوصيت، لا تصلح الوصية للمجهول، وتقول والله إن شاء الله ربنا سيرزقها في غضون سنتين أخريين من ابنتي هذه،
فلنفترض أن الله لم يرزقها بهذا الولد، أو لنفترض أنه رزقها به، فإن هذا الكلام لا يصح لأنها وصية لمجهول، إذن يجب أن نحدد إلى أين ستذهب هذه الأموال، وما مقدارها، وما صنفها، وما قدرها من ملكك، وهكذا هذا هو الإنشاء وبعد ذلك يأتي دور الإثبات وفي الإثبات يلزم شاهدان أو تذهب لتوثيقها عند شهود العدل الذين نسميهم الآن الشهر العقاري فالشهر العقاري هؤلاء هم شهودنا الذين هم شهود العدل يسجلها في الدفتر ويختمها بختم القسم ويضع عليها رقما وتاريخا فهذا إثبات وهذا هو هذه الوصية أم هذا إثبات الوصية؟ لا، هذا إثبات الوصية، فالإثبات
قد يتم بالشهادة وقد يتم بالكتابة وقد يتم بالتوثيق الذي هو مثل الشهر العقاري هذا، فمن بدله بعد أن سمعه فماذا يفعل؟ إنه يقوم بعملية التزوير، الولد ذهب في الشهر العقاري وذهب قطع ماذا؟ الضفر قطع. الصفحة التي لم تسجل فيها هذا يكون تزويرا، سرق هذه الورقة وقطعها وقال للموظف عندما يأتي إليك قل أشهد بأنك تزور هكذا يكون تزويرا يكون شهادة زور على الفور فمن بدله بعد أن سمعه يكون هذا عملية التزوير فهل التزوير حلال أم حرام لماذا لأنه كذب حكاية تخالف الواقع
الذي خلقه الله هذا افتراء على الله، الرجل أوصى وربنا خلق الوصية، وأنت تقول إنه لم يوص، فأنت تكذب على ربنا وتنسب إليه كونه ما لم يحدثه فيه، ومن هنا كانت جريمة الكذب جريمة كبيرة، لماذا؟ لأنك تنسب إلى الله ما لم يقله وما لم يفعله في هذه الحياة الدنيا إذا كذبنا في الوحي فتلك مصيبة عظيمة وقد عرفنا من قبل ما جزاؤها، وإذا كذبنا في الواقع فتلك مصيبة عظيمة وكلاهما نسبة قول أو فعل إلى الله لم يقله أو لم يفعله في هذا الكون، فأنت تفتري على ربنا بكذبك على الناس، فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين حسنا،
والرجل الذي عمل الوصية سيصل إليه أجر الوصية، والرجل الذي عمل الوقف، كثير من الناس تسأل: حسنا، افترض بعد أن مت هذه الأوقاف ضاعت، هل يذهب لك الثواب على الفور بصيغة مستمرة لأنك قد فعلت الخير في حياتك؟ وإنما إثمه على الذين يبدلون، إنما أنت وصلك الثواب إن الله لما تعلمون تعملون عليم بما تفعلون وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته