سورة البقرة | حـ 212 | آية 185 - 186 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 212 | آية 185 - 186 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وهو يقرر لنا مبادئ قرآنية في آية الصيام "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" ورأينا في حلقة سابقة كيف أن هذا يقرر مبدأ للحياة ولتكمل العدة وأن هذا مبدأ آخر يصلح لنا في مكون عقلنا يعني يكون عقل المسلم في تفكيره المستقيم يقول تعالى بعدها ولتكبروا الله على
ما هداكم ولعلكم تشكرون ولتكبروا الله هذا أمر في القرآن كله يكاد يكون في كل آية تصريحا أو تلميحا حالا يعني في نفس الآية أو مآلا يعني عندما تفكر قليلا تجد نفسك وصلت إليها ما هذا ذكر الله لماذا قلنا لأن الفكر على ثلاثة أنحاء فكر سطحي وهو الذي ابتلينا به في عصرنا الحاضر ينظر إلى الأشياء من الخارج ويفسرها بطريقة ساذجة ويتعامل مع الأحداث وليس بعقل ولا بمعرفة المآل وما
تؤول إليه الأشياء فإذا استبشر فرح وإذا أنكر عليه انهار نعم هذا هذه تصرفات غير عاقلة لأنها سطحية من الخارج وهناك تفكير آخر هو التفكير العميق يبقى التفكير الأول تفكيرا سطحيا ظاهريا أحداث بسيطة أمامه لكن هذا كذلك التفكير تفكير عميق والتفكير العميق يشارك إن الإنسان مؤمنا كان أم كافرا لا يختص بتفكير دون تفكير، بل بقدرة وهبها الله للإنسان في ربط المعلومات، والذكاء في حقيقته وفي تعريفه الأصح هو قوة ربط المعلومات،
فالإنسان عنده قدرة وهبها الله له في ربط المعلومات، والمعلومات تأتيه عن طريق الحواس فيتلقاها ويفكر فيها ويرتب بعضها على بعض بعضها إلى جانب بعض فيستنبط من المقدمات النتائج وهذه القوة هي قوة ربط المعلومات وهي الذكاء فتراها سريعة قوية واضحة عند بعضهم وتراها على عكس ذلك عند بعضهم الآخر وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فترى أحدهم ذكيا وترى الآخر غبيا بليدا لا يستطيع ربط المعلومات ولا استخراج النتائج من عميق ذكي وترى هذا يحقق كثيرا من مصالح
الدنيا، الثالث ما قلناه الأول السطحي والثاني العميق فما الثالث إذن؟ قال الثالث المستنير، مستنير الألف والسين والتاء تدخل أصلا استنار يعني طلب النور ومستنير يعني طالب للنور يقع عليه يضيء طريقه فهو مضيء مستنير وهو يضيء لغيره الطريق مثل الشمعة تعمل فتضيء لغيرها الطريق مستنيرا وبما يكون التفكير العميق مستنيرا أو بمعنى أصح ما التفكير المستنير تفكير
المستنير لا يصلح أن يكون تفكيرا سطحيا تفكير المستنير يجب أن يكون عميقا لكنه ليس فقط عميقا يجب فيه ضوء نور جاءه وقع عليه نوره ما هذا الضوء ولتكبروا الله على ما هداكم الله وربط الأشياء به ومعرفة قضية الكون وغايتها ومعرفة كلام الله وهدايته هذه هي الاستنارة فإذا فكرت بعمق ووصلت إلى أن هذه الورقة التي في الشجرة مكونة من اليخضور ومن البلازما ومن الكلوروفيل وما إلى ذلك تفكير عميق
ومفيد ونصنع من هذه الأشياء معجون أسنان لكي يقاوم تفكير عميق ومفيد ولكن كونك أن تربط هذا بالله وترى هذا الكون فتستدل من هذا الأمر الذي قد مكنك الله منه وبه على الله وكونك قد التزمت بمراد الله في كونه من إصلاح الأرض وعدم إفسادها ومن التعمير لا التدمير ومن التعمير لا التخريب وإذا فعلت ذلك فأنت في نطاق الاستنارة في نطاق الاستنارة لأنك قد أدخلت الله مقصود الكل في المسألة، أما هذا الذي يعيش وقد ولى ظهره
لله وحرم نفسه من فتح الله وحرم نفسه من هداية الله فليس له الاستنارة، فالنور خارج عن دائرته فهو في دائرة الظلمة لا في دائرة النور وإن كان يفكر تفكيرا عميقا عندما يقول ولتكبروا الله على ما هداكم ينقلنا من دائرة الظلام إلى دائرة النور، لا يرضى لنا أن نفكر التفكير السطحي ولا يرضى لنا أن نقف عند التفكير العميق، بل يأمرنا أن ندخل به بهذا التفكير العميق الذي فيه العمارة إلى نور قد أتى من
عند الله ولتكبروا الله على ما هداكم ذكر ولعلكم تشكرون بهذا البيان، فاللهم اجعلنا من الشاكرين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.