سورة البقرة | حـ 214 | آية 187 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يفصل الصيام تفصيلا، ولم يفصل الله شأن الصلاة ولم يفصل أنصبة الزكاة وشروطها، وإنما فصل الصيام تفصيلا وذلك لأن الصيام سر بين العبد وربنا في كل العبادات يطلع عليها الناس إلا الصيام فإنه لا يطلع على حقيقته سوى الله، كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه
لي وأنا أجزي به، ومن هنا كان ذلك التفصيل، تولى الله سبحانه وتعالى تفصيل أحكام الصيام ولم يدع منها شيئا، آخر يسأل عنه في خارج الكتاب الصلاة فقد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال صلوا كما رأيتموني أصلي فلم تنفك سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم عن تشريع الصلاة وفي الحج قال خذوا عني مناسككم يعني كأنكم لا تعرفون ما المناسك بالضبط وإن تكلم الله عنها في الكتاب ولكنه لم يتكلم عن تفاصيل الحج وواجباته كما فعل
في الصيام وفي الصيام لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم اصوموا كما أصوم أبدا، بل قال في الصلاة صلوا كما رأيتموني أصلي وهنا في الحج قال خذوا عني مناسككم، أما في الصيام فلم يقل ذلك أبدا وهذا يدل على أن الصيام سر بين العبد وربه تعالى، تعال الآن في الصيام، يقول ماذا سيدنا رسول الله: إني لست كأحدكم، كان يواصل بين الصيام، يأتي المغرب فلا يأكل وينوي صيام الغد ويبقى من غير أكل،
فحاول ذلك الصحابة فلم يستطيعوا، الحكاية ليست بالقوة، إني لست كأحدكم فإني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني، يعني هناك ثانية غير الأكل والشرب في طعام آخر فليس لكم شأن به في الصيام ليس لكم شأن به هناك صلوا كما رأيتموني أصلي وهنا خذوا عني مناسككم حسنا وفي الصيام قال لا ليس لكم شأن بالصيام هذه خذوا من الكتاب الصيام الذي في الكتاب هذا هو أما أنا شيء آخر ورفض رسول الله صلى الله عليه وسلم أي صيام يكون قد خرج عن تفصيل
الكتاب، فرأى شخصا قائما في الشمس واقفا فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل. قال: وما شأن أبي إسرائيل؟ قالوا: نذر أن يقوم فلا يجلس، ويصمت فلا يتكلم، ويقف في الشمس فلا يستظل، ويصوم فلا يفطر. له أوامر أي مريم فلتجلس ولتستظل ولتتكلم ولتتم صومها أي تعمل الصوم الذي في الكتاب أما هذه الزيادات التي لنا فلن تتكلم ولن تعمل
وكذا وشرع من قبلنا قال لها لا يصح إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا قال أي يريد أن يفهم من ذلك كيف يعمل قال له لا ليس لك شأن به، الله إذا هذه هذا تحديد لمفهوم الصيام الذي ورد في القرآن والالتزام بما ورد في القرآن دون سواه عليك بما، وهذا معناه أن الله قد فسر هذا الكلام تفصيلا أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، هذا أول حكم أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
له منطوق وله مفهوم، منطوق جواز معاشرة الرجل لزوجته في ليل رمضان، هذا هو المنطوق، ومفهوم حرمة ذلك في نهار رمضان. إنه يعطيك مفهوما أي ما معنى أحل لكم ليلة الصيام، ما دام أحل ليلة الصيام فإن نهار الصيام غير حلال، معنى ذلك لماذا الليل تحديدا؟ أليس أقول لك مباح بالليل معناه أنه ليس مباحا بالنهار لأنه لو كان مباحا بالليل والنهار لقال لك أحل لكم في شهر رمضان أي بالليل والنهار فتكون هذه الآية لها منطوق ولها مفهوم منطوقها حل المعاشرة بالليل ومفهومها
حرمة المعاشرة بالنهار هن لباس لكم وأنتم لباس لهن هذه هي منفصلة أم متصلة بما سبقها، أي أنه يقرر حقيقة منفصلة "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"، وفي هذا لو كانت منفصلة فإنها تعني أن الود والحب واللطف ليس محصورا في الليل بل هو بالليل والنهار، "هن لباس لكم" أي
بالليل والنهار ستر وغطاء كما يقال هكذا ستر وغطاء عليك وأنتم لباس لهن، يبقى معنى ذلك أن هذا التحريم بالنهار والتحليل بالليل له علاقة بالصوم ولا علاقة له بما بينك وبين زوجتك من حب دائم، فأنتما كاللباس واللباس لا يفترقان أبدا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته