سورة البقرة | حـ 216 | آية 187 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يفصل لنا أحكام الصيام تفصيلا علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن لو وصلنا يكون ذلك للاستحباب ولو فصلنا ووقفنا عند عفا عنكم يكون ذلك للإباحة وابتغوا ما كتب الله لكم ابتغوا ما كتب الله لكم ولم يقل عليكم بل لكم ولكم هذه معناها الحقوق والواجبات معا يعني ربنا سبحانه وتعالى شرع لنا قيام
رمضان وشرع لنا أن نجعل بيننا وبين القرآن علاقة بالقراءة وشرع لنا أن نتصدق فيه وشرع لنا أن نعتكف في أواخره وشرع لنا وهكذا وكل هذا سنن وليس فرائض قال لا سنن ولذلك قال وابتغوا ما كتب الله لكم وابتغوا ما كتب الله لكم يبقى ما كتب الله لنا تدخل فيها السنن هذا الذي نعبر عنه بجانب الواجبات هي ليست واجبات شرعية هي واجبات يعني ماذا ينبغي عليك أن تعمل هكذا ويدخل فيها الحقوق كالمعاشرة للنساء والأكل والشرب فهو
انتهت حكاية النساء هذه، قالوا كلوا واشربوا، فتكون إذن وابتغوا ما كتب الله لكم جملة أحاطت بما قبلها وما بعدها، جملة هكذا هي تحيط بما قبلها من المعاشرة وتحيط بما بعدها من الأكل والشرب حقوقا، وتحيط أيضا بما ينبغي عليك أن تقوم به في هذه الليلة من قيام ومن قراءة ومن أدعية ومن ذكر ومن اعتكاف ومن صلاة ومن صدقة ومن زكاة الفطر وهكذا ولذلك عبر بكتب فالكتابة فيها هكذا
معناها أنها شيء من عند الله وبعد ذلك أراد أن يخفف الكاتب قليلا لأن كتب معناها أنه فرض فذهب فقال لكم ولم يقل عليكم كتب عليكم الصيام عليكم هذا انتهى فرد فأول ما يقول كتب وكتب يكون فيها شيء من عند الله هكذا، ما الذي من عند الله المختص بهذا؟ ذهب فلخصها في كلمة واحدة هكذا وهو وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، الخيط الأبيض ضوء جو صحيح في
الصحراء وجدت هذا ظاهرا أمامك عند الفجر الصادق، والفجر فجران: فجر صادق وفجر كاذب. أما الفجر الكاذب فهو يظهر قبل الصادق بنحو ثلث ساعة ويظهر وكأنه ذيل ذئب، يظهر بصورة مستطيلة أي عمودية هكذا في السماء على هيئة مثلث رأسه أسفل وقاعدته أعلى. أما الفجر الصادق فيظهر مستطيلا مستعرضا هكذا. في الأفق كله ليس قطعة عمودية
هكذا ولا أفقية، وفي كل الأفق منتشر، أما الكاذب فكذنب السرحان، وأما الصادق فهو المنتشر في الأفق منتشر في الأفق، يكون إذن فجر كاذب هذا الذي كذنب السرحان قبل الفجر الصادق بثلث ساعة، وأما الصادق فهو الذي عليه أذان الفجر وهو الذي عليه صيام الصائم عندما تكون الشمس تحت الأفق في حدود ستة عشر درجة أو سبعة عشر وهكذا تكون تحت الأفق في هذه
الحدود عندما تكون قبل ذلك فإن الدرجة تستغرق أربع دقائق فعندما يكون بينهما عشرون دقيقة تكون كأنها في درجة واحد وعشرين أو عشرين في هذه الحدود يظهر الفجر ثم إن بلالا يؤذن بليل إن بلالا يؤذن بليل لا يبيح صلاة ولا يحرم طعاما وكان ابن أم مكتوم يؤذن عند ظهور الفجر الصادق فيقال له أصبحت فيجيء مؤذن لأن ابن أم مكتوم ضرير فينظرون له ويخبرونه
أصبحت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الفقه الإسلامي في العقل المسلم المفكر استصحاب الأصل أفضل حتى يتبين له، فإذا لم يتبين فالدين مبني على الصلابة واليقين والقوة وليس مبنيا على الشك والوسواس والوهم والظن والتوهم أبدا، ولذلك كان ابن عباس يرسل غلامين من فتيانه فيأتي أحدهما فيقول خرج الفجر ويقول الآخر لم يخرج فيقول: اختلفتما، ائتياني. صحيح، ما هو الاثنان اختلفا، يبقى ألا تأكلا حتى
تتبينا. إذا أقام الدين الأمر كله على اليقين لا على الشك، على القوة لا على الضعف، ومن هنا نهانا عن الظن وقال: إن الظن أكذب الحديث. وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله. وبركاته