سورة البقرة | حـ 217 | آية 187 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 217 | آية 187 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول الله سبحانه وتعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. وكان بعض الصحابة يظنون أن الخيط الأسود والخيط الأبيض حقيقة لا مجاز فجاء عدي بن حاتم ووضع عقالا أسود وعقالا أبيض بالليل ثم بعد ذلك ينظر إليهما فلا
يتبين له شيء لأن الحجرة مظلمة وليس هو المقصود بالأفق وما يحدث فيه من أنوار وأضواء السماء كثيرة والحالة في الغرفة المظلمة حتى يرى الإنسان العقال الأسود من العقال الأبيض قد لا تتيسر إلا في الظهر فذهب إلى النبي، فأراد النبي أن يلفته إلى قضية الحقيقة والمجاز وأن القرآن يتكلم بالمجاز كما يتكلم بالحقيقة، وأن المجاز يحتاج إلى علاقة وقرينة. فما دام قد قامت العلاقة والقرينة في كلام العرب فهم العرب المجاز كما يفهمون الحقيقة،
وهذا الشأن يوجد في لغات البشر التي يعلمها. الله لهم كما علم آدم الأسماء كلها وعلمهم استعمال الكلام فيما قد وضع له واستعمال الكلام في غير ما وضع له لعلاقة وقرينة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يلفت نظر عدي إلى هذا فقال له إذا إنك لعريض الوساد وفي رواية لعريض القفا يعني إذا كان الأفق كله هكذا هو منامك وهما الخيطان الأبيض والأسود بدلا من أن يكونا من السماء يكونان على وسادتك وأنت تنام
على وسادة ما بين الشمال إلى الجنوب وأنا عندما أنظر إلى الشرق هكذا أتخيل أن هناك وسادة سيدة الأفق وهذه الوسادة نائم عليها عادة وتحت الوسادة خيطان خيط أبيض وخيط أسود لكي يراهم جيدا، هذه الوسادة الكبيرة جدا، كم يجب أن يكون حجم رأس الإنسان وهكذا، انظروا لقد ضحكتم الآن، حسنا لماذا ضحكتم؟ ضحكتم لأنكم قد أدركتم المفارقة بين فهم الحقيقة والمجاز، يعني لو أن أحدا قال لي مجازا وذهبت أفهم منه على أنه حقيقة فتصبح مسألة مضحكة، فعندما أقول مثلا رأيت أسدا يقاتل في سبيل الله بسيفه
فواحد ظن أن الأسد الذي في حديقة الحيوانات يمسك سيفا ويجلس يقاتل في سبيل الله، مسألة مضحكة وهذا رد على من أنكر المجاز في القرآن أن النبي أقره بل وكلمه بالمجاز وقال له إذن فأنت عريض القفا وهذا أيضا مجاز إذا كانت المسألة القفا يعني ماذا؟ عريض القفا يعني غير فاهم كثيرا في اللغة ولكن مجازا وليس عريض القفا اتساعا من هنا ومن هنا، فما هذا بمعقول. "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى" ليس معناها أنه الأعمى هنا هو الضرير الذي يقول في شأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من فقد حبيبتيه عينيه فصبر كنت
أنا وهو في الجنة كهاتين، يا لها من بشارة! الإسلام هذا يعني شيئا آخر، شيئا جميلا جدا، أمر يقف الإنسان عنده وهو مذهول. فكيف يكون أعمى في الآخرة؟ لا، هذا أعمى البصيرة الذي في الدنيا، الذي ضل عن سبيل الله يكون أعمى في يعلمنا الله سبحانه وتعالى المجاز ثم أتموا الصيام إلى الليل والليل هو بغروب الشمس فبمجرد أن تغرب الشمس يحل الليل فيكون النهار بدايته الفجر والليل بدايته الغروب وهذا
عند أهل السنة والجماعة والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نعجل بالإفطار وأن لا نؤخر هذا الإفطار فبمجرد أن نسمع الأذان وإذا كان في لفظة التكبير "الله أكبر" حل لنا الإفطار فنفطر على ما كان يفطر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تمر فإن لم نجد فمن ماء فإن لم نجد فبطعام فإن لم نجد حتى الطعام ننوي الإفطار ونقطع بذلك بالنية الصيام ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد إلى الاعتكاف الذي يكون في المساجد، إذا أمرنا
بالذكر ولتكبروا الله على ما هداكم، أمرنا بالدعاء وإذا سألك عبادي عني، أمرنا بالأكل والشرب، أمرنا بالاعتكاف أيضا على سبيل السنة، كلها تلك حدود الله فلا تقربوها، كذلك هذا مبدأ عام حدود الله لا تقربوها، تلك حدود الله فلا تقربوها، يبقى نأخذ منه المبدأ حدود الله فلا تقربوها فإذا سرنا على هذا نجحنا كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون هذا هو طريق التقوى أن نقف عند ما حده الله فلا نتعداه لا بالزيادة ولا بالنقصان وهذه هي التقوى وإلى لقاء آخر ندعو الله سبحانه
وتعالى أن يفتح علينا وأن يغفر ذنوبنا وأن يستر عيوبنا وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.