سورة البقرة | حـ 220 | آية 190 - 194 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 220 | آية  190 - 194 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلم المؤمنين القتال لأجل غاية شريفة "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة" فالقتال هو ارتكاب أخف الضررين إذ بين لنا الله سبحانه وتعالى قاعدة من قواعد التفكير المستقيم أنه ينبغي علينا أن نرتكب أخف الضررين، لأننا لو لم نرتكب هذا الضرر الأخف لوقعنا في الضرر الأعمق والأبلغ والأشد والأكثر ضررا، وقاتلوهم حتى
لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فهل يمكن أن يكون الدين لغير الله؟ يمكن أن ما يدين به البشر يكون لغير الله، الحاكم عند المسلمين هو الله، إن الحكم إلا لله، الحاكم عند المسلمين بكل مذاهبهم وطوائفهم سنة وشيعة ومعتزلة وخلف وسلف هو الله، وعلى ذلك فلا يجوز لجماعة المسلمين أن تقرر قرارا يخالف
ما أراده الله، فلا يجوز لجماعة المسلمين أن تتفق إباحة الزنا أو الفجور أو الشذوذ الجنسي غير ممكنة، هذا مخالف للحدود التي وضعها الله لنا. الدين هو ما يدين به الناس، يجب أن يكون لله بمعنى أن الحاكم هو الله، ولذلك عندما تقرأ في أصول الفقه تجد باب الحاكم هو الله. هذا هو جوهر المسألة، هل الحاكم هو الله الحاكم هو من البشر وليس الحاكم هو الله، قال: فماذا يفعل البشر إذن؟ قالوا لهم أن يفهموا عن الله، وأن يختاروا فيما اختلف فيه في فهم كلام الله الذي هو
الظن، أي المذاهب، فالشافعي قال شيئا ومالك قال شيئا وجعفر الصادق قال شيئا وهكذا، فنحن نختار بينهم ولكن شيئا واحدا مجمع عليها يعني هو أساس وهوية الإسلام لا يجوز الخروج عنها إذن فالحاكم هو الله وللبشر بعد هذه الحاكمية الاختيار فاختيار ملتزم وحرية مسؤولة والمسلم يرى أن غير ذلك ليس بحرية فما هو إذن التفلت عندما يكون الدين لغير الله وما هي جهة التفلت أن كل واحد يقول ما يريده كل واحد يقول ما في ذهنه، والتجارب الديمقراطية العميقة في العالم تؤكد
ذلك، فجعلوا الشذوذ من حقوق الإنسان وجعلوا الزنا والفحشاء مقبولين لا جريمة فيهما ما دام بالرضا، وجعلوا الدين خفيا. نقول لهم لا، الحرية عندنا مكفولة تحت سقف مقاصد شرعية خمسة هي حفظ النفس والعقل والدين وكرامة الإنسان وماله. فإذا كنتم تحت هذه الخمسة فهذا هو النظام العام والآداب وهوية المجتمع البشري الذي إذا ما تركناه فسدنا وأفسدنا ودمرنا ولم نعمل، ولكن
إذا كان الدين لله فهذا هو الأساس وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا وأقروا بالنظام العام الذي أراده الله وبهوية الاجتماع البشري وبعمارة الدنيا فلا عدوان إلا على الظالمين فليس هناك عدوان إلا على سبيل العقاب الذي هو في مقابل الجريمة والعقاب الذي في مرتبة الجريمة ليس هو القتال الذي يقر الاستقرار والسلام القائم على العدل ولذلك القتال لا يمكن أن يكون إلا من دولة لا يكون من أفراد لأنهم ليس في مقدورهم
هذا وليس لهم جهة تخاطب وتهادن وتكر وتفر وتكون ملتزمة بهذا الدستور فلما كان الأمر كذلك اشترط العلماء جميعهم في الجهاد أن يكون تحت راية تحت راية الذي هو يعني ماذا يعني تمارسونه حكومة لها جيش وليس يمارسه أفراد والفرق ما هو أن هذا قتل وهذا قتال الذي يمارسه الأفراد فما هو إذن القتل الذي تمارسه الحكومة إذا كان في سبيل الله وكان من غير عدوان بل لرفع العدوان ودفع الطغيان وكان له غاية ألا تكون فتنة ويكون الدين لله إذا كان الأمر كذلك فهو جهاد في سبيل الله ولا
يكون ذلك إلا من حكومة وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين وسعتها العدوان الذي على الظالمين إنما هو نوع عقوبة يكون بإزاء جريمة وليس هو من نوع قتال يكون بإزاء استقرار الشهر الحرام بالشهر الحرام يريد هنا أن يعلمنا مبدأ قرآنيا سبق أن تحدثنا فيه القصاص حياة ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب فهنا مبدأ القصاص هو مكون من مكونات الفكر المستقيم الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات
قصاص أهو صرح بها والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم بشبيه في القدر والكيف واتقوا الله يعني الأحسن العفو لأن الأحسن إذا لم تعرفوا كيف تأتوا بالشبيه معتدين واعلموا أن الله مع المتقين لا تظنوا أن التقوى ضعف، التقوى قوة لا تظنوا أن التقوى ستؤدي إلى تدهور الأمور، التقوى مع القدرة على الإعداد لهذه القوة خير وبركة لأنكم ستكونون في معية الله