سورة البقرة | حـ 227 | آية 198 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم" وهذا بعد ما أمرنا أن نتم الحج والعمرة له سبحانه وتعالى، فحتى لا يتصور الإنسان أن هناك فارق بين السعي إلى الآخرة والسعي إلى الدنيا، وحتى لا يتخيل الإنسان أن هناك فارقا بين الدين والدنيا أو بين الدنيا والآخرة في دين الإسلام، وأن الكل سواء في طريق الله هو أمر واحد، أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نرفع الحرج عندما نبتغي فضلا منه في هذه الحياة الدنيا. وليشهدوا
منافع لهم ليس عليكم جناح ليس عليكم إثم أن تبتغوا فضلا من ربكم سواء كان ذلك الفضل في الدنيا أو كان في الآخرة وسيؤكد هذا بعد آيات "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام" وهو الذي يسمى بالمزدلفة وهنا يقرر مرة بعد مرة أن ذكر الله أكبر، "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون" فذكر الله أكبر من الصلاة وهي عماد الدين وأكبر من الصيام وأكبر من
الحج بمعنى يكتنف تلك العبادات كلها، فذكر الله هو بداية الصلاة والصلاة لا يصلح فيها شيء إلا ذكر الله وتنتهي بذكر الله السلام عليكم وتنتهي بذكر الله فتقول السلام عليكم فكلها ذكر ولذكر الله أكبر لأنه ذكر قبل الصلاة وفي الصلاة وبعد الصلاة عندما نؤذن نذكر الله وعندما ننتهي من الصلاة نختتم الصلاة بذكر الله فذكر الله دائما وأبدا يحيط بجميع العبادات ومنها الحج ففي يوم عرفة نذكر الله كثيرا وندعو الله مخلصين له الدين ونلتجئ إليه أن يعفو عنا وأن
يغفر لنا وأن نبدأ معه صفحة جديدة ولكن إذا أفضنا من عرفات فإننا نذكر الله مع ذكره فكان الذكر هذا يحيط بحياة المسلمين كلها وكان الذكر هذا هو أساس العبادة وكان الذكر هذا هو الذي ينهانا في الحقيقة عن التعلق بالدنيا وعن فعل الشر وعن الفساد في الأرض وعن ظلم الناس فإن من ذكر الله سبحانه وتعالى فإنه يخافه ويرجوه والخوف والرجاء يجعلان الإنسان إنسانا صالحا فإذا أفضتم من عرفات والإفاضة فيها نوع من الحركة وفيها
نوع من الكثرة وفعلا وإلى يوم الناس هذا نجد أن الحجاج يزداد عددهم كل سنة والحمد لله رب العالمين، وإذا أفضتم ولذلك نسمي فيضانا، ما هذا الفيضان؟ المياه الكثيرة التي تغرق الدنيا هكذا، فإذا أفضتم كلمة تدل على الحركة، تدل على الكثرة، تدل على أن جموعا من الناس تحج إلى بيت الله وعبر عبر التاريخ دائما وأبدا كانت مكة مزدحمة عبر التاريخ، ودائما وأبدا لم يتوقف الطواف حول الكعبة ليلا ولا نهارا وفي جميع الأحوال، إلا في ساعات من عدوان القرامطة عليها سواء في العصر
السابق أو في العصر الحالي، حتى إن الكعبة كانت تتعرض للسيل فكان هناك من يطوف بالبيت سابحا، هذا لكي لا يتوقف الطواف بالبيت فإذا أفضتم من عرفات يشعرك هكذا بأن هناك زحاما والزحام يجعلك تذكر الله ذكرا آخر غير ذكر الخلوة أي أن هناك نوعين من الذكر ذكر الجلوة وذكر الخلوة يقولون هكذا ذكر الجلوة وذكر الخلوة ذكر الخلوة أي وأنت وحدك هذا مفيد وكان رسول الله صلى الله وآله وسلم يذهب إلى غار حراء ويتعبد
الليالي ذوات العدد وحده في خلوته وذكر الجلوة هو الذكر مع الناس ذلك له مذاق وذلك له مذاق تاني ذلك أذاق القلب وذلك له تأثير ثاني يقول ابن عباس وكنا نعلم انصرافهم من الصلاة وعباس كان صغيرا وكنا نعلم انصراف من الصلاة بالتكبير يعني لما يسمع الناس تكبر بعد الصلاة الصحيحة فيسمعون فيقولون قد أنهو صلاتهم وهو يلعب خارج المسجد مع الصبيان وكنا نعلم انتهائهم من الصلاة بالتكبير في الدقة إذا ففي ذكر السر وذكر الجهر وفي ذكر الخلوة وفي ذكر
الجلوة وهذا إله هذا كله ويمكن السير من عرفات الحرام أن تذكر الله في نفسك ويجب أن تبدأ بذكر الله أيضا في جماعة من الناس فتناولوا بذلك المؤيدة فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين يعني اشتغلوا بالأسماء الحسنى اشتغلوا بالتوحيد اشتغلوا بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ولذلك قال لكم عليكم بهذه الكلمات إلا الله، أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله، أستغفر الله، حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلت على الله، إنا لله وإنا
إليه راجعون، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وذكر الله فيهم عشرة، سموها كلمات العشرة الخمسة والعشرين، كلها تسمى الباقيات الصالحات، أهل الذكر بيننا وأهل الله الذي هو سبحانه وتعالى، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه كلها اذكروها الباقيات الصالحات لأنها هي التي تبقى لك بعد وفاتك، الذهب يفنى بكل وضوح والفضة لا تدوم، وذلك يبقى لك إذا ما تمسكت به فيمنعك من الفاحشة ويقيمك في قربك من السبحان وتعالى فمنعك من الشر ودفعك إلى الخير واذكروه كما أنزل الحمد
لله الذي أتانا بهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وإن كنتم من قبل لم تنطقوا عن شيء أما قائمين عن العقوبة الصحيحة بالشكر والتوثيق وكذلك إلى خير وإما غافلين عن الطريق الأكمل يعني موضوعا لم يجد النعم على الكمال فقال يا رب طور طريق الكمال ومن طور طريق الاتساق ومن طور طريق الكمال يبقى يدخل في قلبه يدخل فيها ذلك الكافر الذي أسلم فمن الله عليه ببداية ويدخل فيها ذلك المسلم الذي تعلم لأن قلبه
مال إلى طريق هذا حفظت وإن قلت من قوله فمن الوضوء لنستوجب الحمد لله جميلا فإذا أنا أؤديهم بهذا الطريق المسطور وكذلك طالب آخر يستوجب لله رب العالمين والسلام عليه وعلى