سورة البقرة | حـ 230 | آية 201 : 202 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وسورة البقرة والله سبحانه وتعالى يشرح لنا ويأمرنا ويهدينا إلى بعض أحكام الحج الأكبر يقول ربنا في شأن أولئك الذين أدركوا الحقيقة وأن الأمر ليس منحصرا في الدنيا فقط بل هذه الدنيا من خلق الله خلقها الله ابتداء وكلفنا الآن ونعود إليه انتهاء، وهذه الإجابة على الأسئلة الكبرى تمثل منهج حياة مستقيم للإنسان، وفي مقابلها نجد أن بعض الناس
يدعو إلى الاقتصار على الدنيا قديما في الغنوصية قالوا ليس لي شأن أنا آت من أين لا أتدخل أنا ذاهب إلى أين بعد الموت لا علاقة لي بذلك، والآن قال الآن نحن نريد أن نتمتع بكل ما يمكن أن نتمتع به، سيطرت الغنوصية وهذا مذهب فلسفي شكله كذلك أنه ليس هناك إلا الدنيا، الكلام يعيد نفسه في الإجتماعية، جاء داروين وقال لهم بالمناسبة أنت كنت قردا والقرد أصبح إنسانا وأصله والطفرة في انتقال الأصلح وعملها وأخذوا هاتين الكلمتين من داروين صاحب نظرية
الحياة ودراسة الحيوان إلى علم الاجتماع وجاء هربرت سبنسر وقال هذا نسبي كله وأصبح فيما يعرف أعطونا ثلاثمائة سنة الآن لكن اشتد قليلا النظام العالمي الجديد وما هو النظام العالمي الجديد هذا ما شأني بهذا واحد يحكم العالم كل واحد يبقى في حاله ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق يعني وما له في الآخرة من نصيب ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة فهذا لا ينفي الدنيا وليس درويشا كما يقولون ويريد أن يلغي الدنيا ويلغي مناهج التعامل معها أبدا ولكن يضعها في السياق الصحيح فلا يفصل الدنيا عن
الحقيقة الماضية وهي أن الله خلقها، ولا يفصل الدنيا عن الحقيقة اللاحقة وهي أننا سنعود في يوم آخر نحاسب فيه أمام الله على الخير والشر، عقابا وثوابا، ولا يفصل الدنيا فيتركها ويقول ربنا آتنا في الآخرة وما له في الدنيا من خلق الله ليست هذه الثنائية قطعة واحدة الماضي والحاضر والمستقبل قطعة واحدة نريد الدنيا والآخرة الاثنتين معا وليس واحدة وواحدة وليس قطعة وقطعة لا هذا دعاء المسلمين الذي علمهم إياه رب العالمين وليس هم الذين كتبوه لا هذا هو كما هداكم ومنهم من يقول
العارفون الحقيقة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقنا عذاب النار ومن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز أولئك لهم نصيب مما كسبوا أولئك الذين يعلمون الحقيقة الذين يتبرؤون من الفكر الغنوصي الذين يدركون مكانة الدنيا ومكانها مكانة الدنيا لن أتركها المؤمن القوي خير وأحب عند الله أحب المؤمن القوي من
المؤمن الضعيف، مكانة الدنيا أمرنا بعمارتها، هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، مكانة الدنيا إني جاعل في الأرض خليفة، لكنها أيضا هي مزرعة للآخرة، لكنها أيضا فيها وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، وفيها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها، مكانة الدنيا لكن مكانها أين بين الماضي والمستقبل بين خلق الله وبين اليوم الآخر إذا أولئك لهم نصيب مما كسبوا ماذا إذن كسبوا ماذا كسبوا العمل الصالح في هذه الحياة الدنيا من عبادة وعمارة وتزكية
لهم نصيب مما كسبوا وهذا النصيب نصيب يعني وافر أم نصيب قليل ونصيب شرير قال والله سريع الحساب، من صدر عن من؟ هذا من الله الكريم الواسع العفو الغفور الذي تجلى على خلقه أول ما تجلى بقوله "بسم الله الرحمن الرحيم"، هو الذي سيحاسبك، وسريع الحساب يعني لا يؤخر، في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، أولئك لهم... فلنفترض أولئك أي أن الصنفين ينطبق عليهما القول، ينطبق عليهما أن يعودا إلى الذين يطلبون الدنيا فقط والذين يطلبون الدنيا مع الآخرة، وبذلك يبقى الكلام عاما كما هو عام فعلا، أولئك لهم نصيب قد يكون هذا النصيب خيرا أو شرا، وافرا أو قليلا مما كسبوا، أي كل واحد
بحسبه، كل واحد منهم والله سريع الحساب، ما هذا؟ هذه تصلح هكذا وتصلح هكذا، والقرآن واسع والقرآن حمال أوجه، ولا يزال يعطيك من مراد الله ما تستقيم به الحياة أبدا. يقول ربنا بعد كل هذا: واذكروا الله، مرة أخرى، أجل، ما اتفقنا بالفعل أن هذه هي البيئة التي يعيش فيها الإنسان، البحر الذي يقوم فيه بحر الذكر، ذكر الله. اسأل نفسك هل جعلت لنفسك حصة من الذكر كل يوم؟ وليسأل كل إنسان ممن
يبعثر الكلام هنا وهناك نفسه صادقا مع ربه، هل يذكر ربه؟ هذا هو المقياس الصحيح، ذكر الله. هكذا نرى القرآن وهو يدعونا إلى ذكر الله، فلا إله إلا الله والله. أكبر