سورة البقرة | حـ 234 | آية 210 : 211 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى لأولئك الذين نبذوا أمر الله وعبادة الله واستبدلوا بها عبادة الشيطان وأنهم إذا ما سئلوا أو روجعوا في ذلك أو تكلمنا معهم بمقتضى الوحي فإن أحدهم ينكر وجود الله لأنه ليس تحت الحس، سبحانه جل جلال الله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وينكر الملائكة حتى لو صدق بوجود الإله، ويأخذ يسخر من الملائكة ومن وجودها ومن بركتها.
هذا الصنف من الناس يخاطب الله سبحانه وتعالى بالمآل فيقول لهم هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلال من الغمام والملائكة، أي وتأتي الملائكة لأنه يمكن في ظلال من الغمام والملائكة أي ربنا يأتي في ظلال من الغمام ومعه الملائكة أي في وسط الملائكة هكذا وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور والسؤال يثير في النفس الفكر والسؤال الذي نسأله لأولئك الذين يتحدثون عن الملائكة
باستهزاء وعدم تصديق، السؤال الأول الذي يجب أن تسأل فيه نفسك: هل أنت مؤمن بالله؟ في بعض الأحيان لم يسأل نفسه هذا السؤال، وجد نفسه في الحياة الدنيا يسير وفق هواه، يأكل ويشرب، والأكل والشرب يشترك فيهما الإنسان والحيوان، ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون. ففي صنف من الإنسان هكذا نشأ لم يفكر أنه يوجد رب أم لا يوجد ولم يفكر هل الرب لو كان موجودا سيتركنا أم أن الرب لو كان موجودا سيرسل إلينا الرسل وينزل الكتب ويفكر فلو أرسل الكتب
وأنزل الملائكة وأرسل الرسل فكيف نعرف فيبقى حائرا هكذا يفكر أي ويتساءل وإذا فكر أحدهم يا أخي بهذا فإننا نسميه فيلسوفا بالرغم من أن هذه من مبادئ الأسئلة التي ترد علينا ونحن كذلك هو في الطريق وعندما يكون له رأي خاص إذا خالف الشريعة فينا يصبح فيلسوفا كبيرا جدا فكر هكذا في الوجود والعدم يصبح فيلسوفا فنقول له لا للفلسفة بحر ليس كسائر البحار، فإن العائم فوق سطحه يهلك والغائص في أعماقه ينجو، لأن هناك اتصالا بين
الفلسفة في حقيقتها وبين الشريعة في حقيقتها، هناك اتصال وليس انفصال، ولذلك لكي تصل إلى حقائق الشريعة يجب أن تكون فيلسوفا كبيرا حقا، أما كل من فكر في سؤالين أو ثلاثة فحسب فهذا لماذا قال له أنا فيلسوف، فإن لم تكن فيلسوفا فماذا أنت إذن؟ ألست إنسانا تعيش فماذا تفعل؟ أنت تعيش فماذا تفعل؟ قال لا شيء، أنا فقط علي أن أكون ناجحا، كيف؟ بأن أحصل على الدنيا وبأن أعمر ما أستطيع أن أعمره وأن يكون لي مجد وأن يتحدث عني الناس يا للعجب لا يرى إلا نفسه قال أنا
المؤمن عنده لا حول ولا قوة إلا بالله وهذا يا للعجب لا يرى إلا نفسه ولو أنه أعطى إجابة مبدئية أنه نعم طبعا يوجد ربنا ما إن خرجت حتى وجدت الناس يقولون يوجد ربنا فإنه يكون متعجبا جدا في مسألة أن هناك هذا يريد يا عيني أن يراها، وهنا يحدث الأمر الغريب وهو هذه الإثارة التي لو أن الله هداه وهو يقرأ القرآن أو يستمع إليه ويرى هذا السؤال فيثير في نفسه كوامن السؤال: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر
وإلى الله ترجع الأمور إذا الله في صيغة سؤال من أجل أن يستثير تلك النفس التي لا تسأل والتي لا تفكر ويرجع بالإنسان ويأخذه من دائرة الفهم اليومي إلى دائرة التأمل والتفكر الذي كان يجب عليه أن يسبق نشاطه قبل أن ينشط ويتخذ قرارات وعقائد وأحوالا، كان يجب عليه أن يفكر والتفكير عندما يكون مستقيما فإنه يرجع إلى العقل ويرجع إلى النقل ويرجع إلى الحس لأن هذه هي مصادر مكونات العقل البشري فلما
أن لفت نظره إلى العقل والتفكر وترتيب المقدمات حتى يصل إلى النتائج عن طريق إثارة الأسئلة قال بعدها ما يتعلق بالنقل فقد بدأ بالعقل وثنى بالنقل سأل بني إسرائيل سأل بني إسرائيل إذن فلننتقل إلى النقل لنرى ما يقوله النقل في هذه المسائل، والنقل يعبر عن تجربة البشرية التي أرادها الله فأرسل رسلا تكلموا بكلام حكيم، أمروا أتباعهم ونهوا، تركوا كتبا تدل على الحكمة وعلى الموعظة وعلى عمارة الدنيا وعلى تزكية النفس. اسأل بني إسرائيل كم آتيناهم
من آية بينة، فإذا ما رجعنا إلى النقل فعرفنا أن الغائب له شاهد وأنه حدث أن اتصل الله بالبشر عن طريق الأنبياء والمعجزات وأن الآيات كانت تأتي تباعا لبني إسرائيل ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته باتخاذ الوثن واتخاذ الأصنام فإن الله شديد العقاب، ننقله من العقل إلى النقل إذن فالتفكير المستقيم أن يفكر أحدنا بعقله وألا ينكر نقله وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته