سورة البقرة | حـ 240 | آية 216 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يفتح علينا فتوح العارفين به. يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يقرر جانبا من جوانب الجهاد، والجهاد في الإسلام له معنى الجهاد الروحي في الإسلام يشمل جهاد النفس وهو الجهاد الأكبر، أي أن الإنسان يجاهد نفسه سواء كتب عليه القتال أم لم يكتب عليه. قد يكون القتال في شهر أو شهرين أو في
سنة أو سنتين، لكنه لا يكون طوال العمر كله، ولكن الجهاد الأكبر يكون طوال العمر كله، وهناك جانب الأصغر وهو القتال في سبيل الله، والقتال بخلاف القتل، فالقتل جريمة والقتال في سبيل الله جهاد يبيع فيه الإنسان نفسه لربه ويدافع عن قضية بعمارة الأرض لا لتدميرها، والقتال خلاف الأصل لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن ندخل في السلم كافة "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين فلما كان القتال
جزءا من الجهاد وكان القتال فيه قتل والقتل بمجرده جريمة وكان القتال لا بد أن يكون في سبيل الله ويضع الله لنا شروطه ويبين أحواله فقال سبحانه وتعالى كتب عليكم القتال كتب لنسلي أنفسنا أن الذي نفعله لا نفعله نفسنا ولا لهواها ولا من أجل هيمنة ولا سيطرة ولا استعمار ولا فساد في الأرض، إنما الذي نفعله مؤتمرين بأمر الله سبحانه وتعالى. كتب عليكم الصيام يعني فرض عليكم الصيام، كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية يعني فرض عليكم ذلك، كتب عليكم
القتال يعني فرض عليكم القتال فبذلك يكون قد كتب شيئا مخالفا للأصل أو أنه يكون قد كتب شيئا موافقا للأصل مخالفا للأصل وهو كره لكم يبقى القتال مخالفا للأصل والقتال تكرهه النفس البشرية والقتال فيه تكليف ومشقة والقتال يحتاج منك إلى أن تضغط على نفسك وأن تقاوم هواك وشهوتك وأن تذهب إلى القتال في سبيل الله ليس شيئا يصر عليه الإنسان ولا شهوة يشتهيها الإنسان وإلا كان
دمويا وإلا كان قاتلا والمقاتل الباسل البطل النبيل بخلاف القاتل تماما مثل الفرق ما بين الزواج والزنا فإن الزواج معتبر محترم وإن الزنا هدر لا قيمة له وماؤه هدر ولا تترتب عليه آثار الزواج هناك فرق بين الحلال والحرام فهناك فرق بين السماء والأرض بين القتال والقتل فالقتل جريمة تستوجب الخلود في النار والقتال صفقة بين العبد وربه يدخله الله بها الجنة كتب عليكم
القتال وهو كره لكم يسألنا الآن وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم يعني أنتم تفعلون ذلك رغما عنكم حتى الخير الذي وراءهم صد العدوان ورفع الطغيان وعسى أن تكرهوا شيئا وهو عدم القتال والبعد عنه فهذا ما تحبه النفس وهو شر لكم لأنه لن يسكت فالطرف الآخر لا يسكت بل يفسد في الأرض فعندما قلت له انتهينا نحن ألغينا الجيش وأوقفناه وصنعنا الأسلحة رميناها في البحر فقال تعال إذن يا أخانا اتق الله فقال ليس هناك
الله ليس هناك الله هذا ليس معنا رميت الأسلحة لا هذا أنا متمكن قليلا هو لكي أضربك به الله عالم يجب من الدفاع عن النفس والدفاع عن الأرض والدفاع عن العرض والدفاع عن الدين والدفاع عن مستقبل البشرية يلزم شيء من وخز السلاح لا من أجل الفساد في الأرض بل من أجل الإصلاح من أجل ألا تراق الدماء والله يعلم وأنتم لا تعلمون حاجة عظيمة جدا هذه لأن الآخرين يقولون لا نحن نعلم والله لا يعلم الذي هو ضدها من الشيطان هذا والله يعلم وأنتم لا تعلمون إذا كان هناك من الأشياء
ما ظاهرها القسوة وباطنها الرحمة، وهناك من الأشياء ما ظاهرها الرحمة وباطنها الفساد. فأنا عندما أتبع أمر الله أتبعه لأنه أعلم، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟ بلى يا رب تعلم وتعلم أكثر مني ومن كل البشر وتعلم حركة التاريخ، ولا تخيل أم لا تتخيل أم ما رأي شخص قاصر محدود، الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ويعلم بهم، إذ إن
الأحداث كلها تؤكد ما أكده الله لنا وتبين أنه ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، اللهم يا ربنا أقمنا في جهادك في سبيلك وتقبل منا صالح أعمالنا إنك على كل شيء آخر شيء نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله