سورة البقرة | حـ 246 | آية 219 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 246 | آية 219 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما. وعرفنا ما فيها وأن الله سبحانه وتعالى يعلمنا ونحن ندرك الواقع والإنصاف فنقول لما فيه من خير ولو كان شرا هذا خير ويعلمنا أن الأمور قد تكون نسبية وأن المصلحة إنما يحددها
الله لأن الأمور إذا تركت للبشر اختلفوا فيها فمنهم من سوف يرجح ما في المسألة من منفعة ومنهم من سوف يرجح ما في المسألة من مفسدة فالأمر إذن عائد إلى الله ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ألا يعلم من خلق جعلت المصلحة بيد الله وهذا فارق كبير بين فكر المسلمين وبين فكر غير المسلمين الذين اعتمدوا على العقل البشري فقالوا إن الذي يحدد المصلحة البشر فمنهم من قال الدكتاتور ومنهم من قال جمهور
الأمة ومنهم من قالوا النخبة ومنهم من قال الطبقة، ولكن الله يعلمنا أن الذي يحدد الحسن والقبح إنما هو الله. يقول الإمام القرافي فما من شيء إلا جعل الله فيه مصلحة ومفسدة، حتى طبخ الطعام فيه مصلحة أن الطعام يصير ألذ، ولكن مفسدته في العناء الذي تلاقيه في إشعال النار إذ أنك تتأذى تنزل الإناء الحمل فالمرأة تحمل وتفرح بحملها والمرأة التي لا تحمل تسعى لذلك حتى تحمل فإذا ما من
الله عليها بذلك إذ بها تتألم وإذا ما ولدت فرحت فرحا شديدا بالولد ولكن مع هذا الفرح هناك معاينة للموت تعاين الموت من شدة الألم اختلاط ما بين الفرح وبين الألم حتى الجمل إذا أصابه الجرب فإنه يحك نفسه بالشجرة حتى يدمي جسده وهو يلتذ بهذا الألم، أهو ألم أم لذة؟ سبحان الله اختلط الأمر أو اجتمع الأمر، وهذا يعلمنا
الإنصاف في وصف الواقع ويعلمنا أن الأمر ليس مبنيا على ما في الشيء من منفعة، فقد تكون منفعة ملغاة. ألغى الشارع ولم يقبل أن تكون مناطا للعمل، يأتي أحدهم ويقول لماذا تحرمون الزنا حرية شخصية نعم صحيح هو حرية شخصية ولماذا تحرمون الخمر وفيه منفعة نعم فيه منفعة صحيح ولكن ألغى الشارع هذه المصلحة وهذه المنفعة وهذه اللذة وجعلها غير معتبرة لأن الشارع قد ألغاها
فلا يجلس أحد يؤلف لنا شعرا في الخمر وفي الزنا، لا، هذه أمور محرمة مع ما فيها من منافع، نحن وإذ نحرمها ننكر ما فيها من منافع لبعضهم، نحن ننكر اعتبارها شرعا، يعني أن الله سبحانه وتعالى يعطي عليها الأجر ولا يعطي عليها العقاب، هذه هي القضية، ليست القضية هي أن فيها منفعة نعم فيهما والخمر منفعة وهذا بنص القرآن ولكن هذه المنفعة لا تجعله جائز الفعل ولا تجعله خاليا من الإثم بل إثمهما أكبر من
نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون سؤال آخر من الثلاثة عشر سؤالا قل العفو كلمة عفا يسمونها في اللغة المشترك اللفظي لأن لها معنيين وأي شيء له معنيان فيسمونها المشترك، وإذا كان المعنيان هذان ضد بعضهما البعض فيسمى المشترك هذا الأضداد آتية من ضد بعضها البعض، شيء ضد شيء. سليم يعني شخص صحيح أو مريض، العرب تسمي الصحيح سليما وتسمي المريض أيضا سليما، فيكون هذا من الأضداد. عفا تعني ماذا؟ عفا تعني الإزالة،
تامة أو تركه تركا تاما أو محاه محوا تاما ولم يترك فيه شيئا ومن ثم عفت الآثار وعفا الأثر، أثر الأقدام، جاءت ريح قليلة فلم تعد هناك آثار، عفت الآثار يعني الآثار اندثرت وحتى الأطلال لم تعد موجودة، أعفوا اللحى يعني اتركوها في حالها ولا تحلقوها يعني احلقوها تماما لا أعفوا اللحية يعني اتركوا اللحية تبقى، عفا جاءت من أين؟ من القضاء والعفو
عندما نترك الشيء بمعنى الترك، فيبقى فيه زيادة لأن العفو هو الزيادة، عفا الله عما سلف أي محاه وغفر لك، لكن العفو هنا يعني الزيادة، ألا ترى أنك عندما تترك المال يزداد فيحصل فيه عفو، يسألونك ينفقون قل العفو يعني أنفقوا بلا إرهاق يعني لا تأخذوا شيئا ضروريا وتذهبوا لتنفقوه بدعوى الكرم وإنما ادفعوا الزيادة التي عندكم ولذلك النبي يقول صلى الله عليه وسلم من كان عنده فضل العفو الذي هو العفو الزيادة فضل زاد فليتصدق به على من لا زاد له ومن
كان عنده فضل ظهر مركب زائد هكذا إبل أو شيء جمل زائد فليتفضل وليتصدق به على من لا ظهر له وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته