سورة البقرة | حـ 247 | آية 219 - 220 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون"، فدعانا الله إلى التفكر، والتفكير فريضة فرضها الله علينا، وعندما توقفنا عن التفكير بدأنا في الاهتمام بغير وفي اجترار الماضي المصيبة المقابلة لاجترار الماضي هي تقليد الآخر لأن هناك أناسا الآن يدعون إلى التغريب يريدون
أن نخرج من هويتنا من تراثنا من ميراثنا ويخدعوننا يقولون لك نحن ندعو إلى الحرية، لا نحن الذين ندعو إلى الحرية وطوال الوقت المسلمون يدعون إلى الحرية طوال الوقت الحرية السياسية والحرية الاقتصادية والحرية الفكرية، لم يقيموا قط محاكم تفتيش أبدا، لم يبيدوا شعوبا، لم يقهروا الناس، تقبلوا الآخر وتقبلوا فكره وناقشوه وردوا عليه بالعلم والحجة بالحجة، قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، تعالوا نجلس نتحدث، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، تعالوا نتحدث، ما رأيكم في هذا الأمر حرية لا
دعوة إلى التفلت ولا دعوة إلى الإرهاب الفكري بل دعوة إلى التفكر لماذا تستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا هذا الكلام خاص بفلان أم علان هذا خاص بسيدنا عمر إذن حرية انظر كيف ينظر الشرع الشريف إلى الحرية التي هي ضد الرق التي هي ضد العبودية التي فيها وانظر إلى العتق واقرأ إذن الباب الذي يقول لك بعض الناس ما من دعوى له الآن قمة في الحرية، فرض الزكاة على المؤمنين للحرية، حرم الربا بينهم من أجل الحرية حتى لا تضغط على الفقير إلى أن تخنقه أو ترهبه،
أقامنا في الصلاة صفا واحدا وفي الحج نتجرد جميعا غنينا من ملابسنا وعاداتنا ونكون متساوين لا يعرف بعضنا بعضا إلا بالتقوى، هذه هي الحرية، فما الذي تقوله هذه الحرية في النهاية؟ حرية الفكر أن تفكر وليس أن تتفلت، وليس من الضروري في حرية الفكر أن تكفر، لأنك إذا كفرت ضيقت على نفسك ما كان واسعا وانتقلت من الحرية إلى أن تكون أسيرا لشهواتك التي زينت في نفسك، إنما الحرية هي أن تفكر التفكير المستقيم، الحرية هي أن ترى الأمور على ما هي عليه،
ولذلك في بداية الآية علمنا ربنا سبحانه وتعالى الإنصاف "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير" هكذا "ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" هكذا هو يصف الواقع هكذا من غير خوف ولذلك ختمها فقال لعلكم تتفكرون والتفكر يكون فيما يتعلق بالغيب وما يتعلق بالشهادة فقال ربنا في الدنيا والآخرة الدنيا شهادة والآخرة غيب وبهما تمام الإيمان حسنا والذي يريد أن يتفكر في الدنيا فقط لن ينفعه
ذلك مبلغه من العلم ما ليس إلا دنيا فقط فيبقى على أنفسهم واسعة شاهدوا فقط يبقى إذا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا لا ينفع وهم عن الآخرة هم غافلون لا ينفع لا ينفع هكذا أنت لست في الحقيقة أنت تقول شيئا خارج الحقيقة فلا بد في التفكر أن يكون متعلقا بالدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلال ما لا ينفع، وإنما الذي ينفع ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، هذا هو الذي ينفع. فربنا يعلمنا التفكير المستقيم ويسألونك عن اليتامى،
إذ ينقله من مسألة تتعلق بالنفس وبالمصلحة الشخصية أولا وإن كان لها علاقة بالمجتمع البشري وهي الخمر والميسر، فالخمر يعود إن الإنسان لا يزال له عقل والميسر يعود ضررا على ماله فيزيل ماله ويحدث عند الإنسان إدمانا فالخمر تحدث إدمانا والميسر يحدث إدمانا يحتاج إلى علاج وإلى أدوية والميسر أيضا هو القمار فالخمر تؤدي إلى الإدمان ليس بالضرورة لكنها تؤدي إلى الإدمان حتى تسلب الإنسان
إرادته والميسر يؤدي إلى الإدمان الإنسان وإرادته ويكرر هذا على المجتمع البشري بالمساوئ والمصائب ويتحدث عن الكفالة الاجتماعية وما ينفق ويضع له القاعدة أن الإنفاق في حدود العفو والزيادة ثم يقول ويسألونك عن اليتامى فوضع اليتامى وكأنهم على قمة التكافل الاجتماعي تحدث عن التكافل الاجتماعي الأصيل الذي يؤدي إلى حرية الفكر ثم التكافل الاجتماعي الذي يؤدي إلى بناء الإنسان من خلال التربية من البداية حتى يخرج هذا الإنسان سويا مفكرا مانحا لهذا الكون ما
أراد الله منه أن يمنحه، وهذا يحتاج إلى تفصيل سنفصله في اللقاء القادم إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة