سورة البقرة | حـ 251 | آية 222 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يذكر الأسئلة التي سألها الصحابة الكرام نبينا سؤالا بعد آخر "ويسألونك عن المحيض". كان اليهود يعتزلون النساء في المحيض ويعتبرون أن المرأة نجسة. في ذاتها إذا ما أصابها المحيض وكانوا لا يأكلون من يدها شيئا وكان عندهم في ذلك أحوال بحيث أنه لو أكل من يد امرأة وهي حائض اعتبر ذلك مظلما
لقلبه معطرا لعبادته وكانوا يعتقدون عقائد شتى مبناها هو عدم مساواة المرأة بالرجل فالمرأة هي التي أخرجت آدم من الجنة والمرأة هي الشيطان فإذا ذهبت شيطانا وإذا جاءت شيطانا والمرأة مصيبة لا بد منها ولكن الله لما علمنا قصة الخلق قال فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه فساوى بين الرجل والمرأة وجعل الرجل والمرأة على حد التكامل فقال يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث
منهما رجالا كثيرا ونساء وقال ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، ثم قال وللرجال عليهن درجة وبين الدرجة فقال الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، فأقر المساواة ونفى التساوي ليس الذكر كالأنثى هذا له خصائص ووظائف وهذا له خصائص ووظائف ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال وكل يفعل ما أمره الله به وأسأل الله من فضله اللهم وفقني فيما أقمتني فيه فالرجل يعتز بأنه رجل
والمرأة تعتز بأنوثتها وبأنها امرأة ويغضب الرجل إذا انحرف عن رجولته وتغضب المرأة إذا أخرجت من أنوثتها خلقا هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه، لقد خلقوا في اضطراب، ويسألونك عن المحيض، علمنا الله في الإجابة على الأسئلة وفي وصف الواقع أن نصفه كما هو، ولكن مع مثل هذه المبادئ يوجد مستوى، يوجد تكليف، يوجد تشريف، يوجد كذا وكذا، ولقد كرمنا بني آدم، ويسألونك عن المحيض إذا المحيض أذى فاعتزلوا
النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين إذا وصفه بما هو عليه من أنه أذى وأعلمنا ألا تتم معاشرة بين الرجل وزوجته أثناء الحيض وخفف عن المرأة حالها وجعلها لا تصلي في هذه الفترة ولا تصوم إلا لأن الصيام معدود والصلاة كثيرة أسقط عنها قضاء الصلاة وفرض عليها قضاء الصوم تكليف ومعاملة على الواقع
وأثابها على ذلك كله فاعتزال المرأة الذي فهمه اليهود على غير وجهه واعتقدوه أنه اعتزال لها لأنها شيطانة هيمن عليهم القرآن وصحح مفاهيمهم وقال لهم إن هذا الاعتزال في بين الزوجين وليس في الأكل والشرب واتهامهم بغير ما هم فيه واتهامهن بغير ما هن فيه وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها حائضة وطلب منها النبي صلى الله عليه وسلم أن تناوله شيئا فقالت
وهي في البيت والباب هكذا والمسجد هكذا فقالت إني حائض قال ليست حيضتك في يدك الحيض ينزل من اليد، أنت خائفة من تلويث المسجد من أي شيء؟ لا يوجد تلويث ولا شيء. قالت له: حسنا انظر إلى يدي هذه فيها جنابة فتصبح نجسة، إذن أنا نجسة. لا تخافي، عندما تمدين يدك هكذا وهي دخلت المسجد، يدك هذه طاهرة لأنك من بنات آدم. يا سبحان حيضتك بيدك من هذا الفهم اليهودي ظن أبو هريرة أنه وهو جنب يكون نجسا
فمر كان جنبا فلاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختفى من طريقه واستخبأ منه فلما وصل إليه قال يا أبا هريرة لماذا تتوارى عني قال إني جنب يا رسول الله قال سبحان الله المؤمن لا إن الجنابة هذه شيء يمنع من الصلاة، نذهب فنغتسل لها فتزول وتذهب، لكن المؤمن لا ينجس. إذن هذه الآية تعلمنا كيف نصف الواقع على ما هو عليه، وتعلمنا أنه يمكن لبعض المفسرين أن يتلاعبوا بالألفاظ فيفسروها بغير ما
أرادها الله لها، ويكونوا بذلك قد اعتدوا على شرع الله، وتعلمنا بالمساواة التي أقرها الله للمرأة في دين الإسلام مهيمنا بذلك على ما سبقه من الأديان والمذاهب وتعلمنا أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وأنه يعلمنا النظافة الظاهرة والباطنة أما الظاهرة فمعروفة معلومة وأما الباطنة فبالإشارة إلى التوبة التي نتخلص بها ويغسل أحدنا قلبه مع ربه من الآثام والمعاصي والذنوب فاللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا
من المتطهرين واقبلنا عندك يا رب العالمين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته