سورة البقرة | حـ 252 | آية 223 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 252 | آية 223 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين. يصحح أيضا ما علق بأذهان العرب من اليهود حيث إنهم حرموا بعض الأوضاع في المعاشرة الجنسية بين الزوجين والله سبحانه وتعالى وهو يخاطب بالإسلام العالمين إلى يوم الدين أباح ذلك وقال
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يعني بأي طريقة كانت ولما قال حرث لكم أشار إلى موضع الحرث الذي منه الولد لأن ذلك هو المتاح والمباح ولأن الله سبحانه وتعالى خلق هذا من أجل هذا لكنه لم يخلق المؤخرة له جعله مخرجا لا مدخلا والذي يريده مدخلا لا مخرجا يعكس خلق الله والله سبحانه وتعالى يأبى أن يحل هذا الحرام ولذلك نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا وإذا
تحامق الرجل وفعل هذا فعليه بالتوبة وتسأل بعض النساء أنه إذا تكرر منه ذلك الاعتداء فهل لها أن تطلب الطلاق فلها ذلك في الفقه الإسلامي يجيز لها أن تطلب الطلاق من زوجها الذي يأتيها من الخلف وتستشير وتقول فهل أطلب الطلاق وهنا تتعاظم عندنا أمور الأسرة فنقدمها على هذه الذنوب والقاذورات والمعاصي ونقول لها إن صبرك على الأسرة خير لك من طلب الطلاق فهناك فرق
بين الحرام التعامل معه والتعامل معه ينبغي أن يكون فيه ارتكاب أخف الضررين فنقول لهذا الرجل اتق الله ولكن أيضا نقول للمرأة إن مراعاة أسرتك أهم بكثير من هذا الأمر جمهور أهل السنة والجماعة بل كلهم على أن ذلك حرام إلا أن ذلك ليس محل اتفاق في الفقه الإسلامي الواسع فعند السادة الجعفرية يجيزون شيئا من هذا بتفاصيل عندهم، ولذلك ونحن نقر الحرمة ونفتي بها ونأمر الناس أن يبتعدوا
عن هذا وأن يمتثلوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن يتمسكوا بذلك وأن يحافظوا على طهارتهم لأن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. كما أننا لا ندعو النساء ولو كان لهن ولهن أن يطلبن الطلاق من أجل ذلك خاصة إذا تكرر وخاصة إذا نفرت منه وخاصة إذا آذاها في نفسها فإننا بالرغم من ذلك نعظم شأن الأسرة تعظيما كبيرا وهذا نوع من التفكير المستقيم يقول تعالى وقدموا لأنفسكم والنبي يقول واجعلوا بينكم وبين زوجاتكم رسولا قالوا وما الرسول يا رسول الله قال الله
تعالى عن القبلة، وقدم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنفسنا كلمة بليغة يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقعن أحدكم على زوجته كما يقع البعير"، فإن هناك فرقا بين العلاقة الحميمة التي بين الزوجين وبين الحيوان الذي خلقه الله سبحانه وتعالى طيب القلب ولكنه حيوان ولا يجب عليه ولا يجوز له أن يكون حيوانا بريا وقدموا لأنفسكم كلمة بليغة هي غاية في الرقة والروعة والحب
والود والسكينة والإنسانية وقدموا لأنفسكم كلمة تشمل الروح والجسد والعقل وتشمل حسن العشرة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لنا خياركم لأهليهم وأنا خيركم لأهلي وعندما تمتحن بعضهم في قضية ضرب المرأة فقال له اضرب ولن يضرب خياركم، فبعد أن أباح منع وبعد أن أتاح قيد وبعد أن سمح وجعل ربنا نبينا أسوة حسنة فإنه
لم يضرب زوجة قط ولم يضرب غلاما قط، فمن أراد أن يتخلق بخلق النبي المصطفى والحبيب المجتبى فليتبع هديه ومن أراد غير ذلك. فأمره إلى الله أغلق على نفسه الخير الكثير واتقوا الله ليس فقط في هذه العلاقة بل أيضا قبلها لأن تقوى الله تنشئ الإنسان الصالح الذي يكون كفؤا في هذا المقام وربط هذا بهذا واعلموا أنكم ملاقوه يعني أيقضي أحدنا شهوته
ثم يكون له أجر عند ربه يا رسول الله قال نعم أرأيت لو وضعها في حرام وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حركة وسكنة من حياتنا الزوجية صدقة وقال حتى اللقمة تضعها في فم زوجتك أي في زوجتك لك بها صدقة واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين فاللهم تقبل منا وبشرنا برحمتك يا أرحم الراحمين وتقبل منا صالح أعمالنا وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته