سورة البقرة | حـ 254 | آية 225 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 254 | آية 225 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم". لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم لأنه قد يعتاد الإنسان على ذكر اسم الله تعالى على لسانه تبركا بذكره سبحانه ولا يقصد أن يعقد اليمين، وكان مشايخنا يقولون هكذا مثل يمين الأكل، ما يمين الأكل هذا؟ يقول والله تفضل، والله يا أخي تفضل شايا،
تفضل قهوة، تفضل كل معنا، والله لا تأت، يعني هنا ذكر الله كان تبركا لا تعني أن تقسم عليه قسما مؤكدا بحيث أنه إذا لم يحضر وجبت عليك الكفارة، ستصبح مشكلة إذن هذه، فتجد شخصا ابنه على السقالة وشخصا يمشي تحت ثم يقول له أهلا والله تفضل، فأين أتفضل أنا؟ أو تجد شخصا معه مركب وهو في المركب وفي وسط البحر وأنا على الشاطئ يقول لي والله تفضل يسمونها عزومة بحرية عزومة بحرية لماذا لأنه في وسط البحر فأين أذهب إليه وهكذا لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم إذا كان ذكر الله
هنا ليس المقصود به عقد اليمين فيبقى هناك شيء يسمى العقد والعقد يعني ماذا يعني أن تقوم بربط المسألة عقدة يعني ربطها وعملها فيها عقدة، فإذا كان هذا جاريا على لسانك على أساس التبرك فلا توجد فيها كفارة، أما إذا كان على أساس العقد بأن تقسم بالله أن تفعل كذا أو ألا تفعل كذا فينعقد اليمين، وانعقاد اليمين لا يكون إلا باسم الله عند جمهور العلماء، يعني أن يقول لا ينعقد اليمين إذا قال أحد والنبي، لا ينعقد اليمين إذا قال أحد لك وشرفي، لا ينعقد اليمين، كل هذه لا تشكل يمينا
شرعيا وبعضها مكروه وبعضها حرام، انتبه، ولكن والكعبة لا ينعقد اليمين، وعرش الله لا ينعقد اليمين لأن كل هذه مخلوقات، إنما اليمين ينعقد باسمه تعالى أو باسم أسماؤه أي إما أن تقول والله وإما أن تقول والرحمن فيكون كذلك أيضا أنت تقسم هكذا ولكن لا يجوز أن تقول وعرش ربنا والمصحف والكعبة والنبي وهي أمور مقدسة عالية المقام عند الله ولكنها في نطاق المخلوق ولذلك لا ينعقد بها اليمين لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت
قلوبكم بمعنى عقدت قلوبكم النيات عليها، حينئذ يكون هناك مؤاخذة، وحينئذ وتعظيما لشأن الله يكفر الإنسان إذا ما رأى الخير في غير ما أقسم عليه، والله غفور حليم واسع المغفرة صبور على عبده فيما يفعل من كثرة الخطأ ومن العودة إليه، لأن هذا الذي جرى على اللسان يعني لا يقف الله معك موقفا شديدا فيه وإنما يغفره لك وهو حليم بك سبحانه وتعالى، هذا اليمين يمين متعلق بالمستقبل، أما
اليمين المتعلق بالماضي كالقسم الذي تقسم به على حادثة قد حدثت بالأمس والله أنا أتيت إلى المسجد والله ما أتيت، هذا يجب أن يكون صادقا والصدق هنا متعلق بعقيدتك تماما إن أمس أتيت إلى المسجد، ما رأيك أن تكون ناسيا وأنك اختلطت بين أمس وبين أول أمس وأنك أنت أتيت أول أمس، فيكون هنا خطأ. عندما يكون هناك خطأ فلا تكون هناك خطيئة، وعندما تكون هناك خطيئة فلا يكون هناك خطأ. ما الفرق بين الخطأ والخطيئة؟ الخطأ لا إثم الإثم
والخطيئة عليها إثم، أما الخطأ فلا توجد فيه نية ولا يوجد فيه قصد منك أن تكذب، هذه غلطة نشأت من اعتقادك أنني بالأمس كنت هنا، واتضح أنك أول أمس والزمن لم يضبط معك قليلا، إذن الخطأ خال من النية والخطأ لا إثم فيه والخطيئة لأنك قاصد أنت تعلم أنك لم تكن هنا أمس، فماذا بعد ذلك في هذه الورطة قال هذا اليمين الذي كذبت فيه يسمى باليمين الغموس، وغموس لماذا؟ غين ميم واو سين غموس، قال لأنه يغمس صاحبه في النار، فما
حاجتنا إلى الكذب إذن إذا كانت عاقبة الكذب سوداء هكذا أنه يغمس صاحبه في النار، فما التوبة منه أم ما المخرج منه؟ يمين غموس، فجمهور الفقهاء يقولون ما عليه كفارة، هذا فيه توبة فقط، ستكفر عن أي شيء إذا كنت أنت كاذب؟ هذه الكفارة لما تحلف على الغد أنك تفعل أو لا تفعل، والله ما أنا مسافر إلى الإسكندرية وسافرت، والله ما أنا كلمت فلانا وبعد ذلك كلمته والله ما أنا فاعل كذا وبعد ذلك فعلته فيقوم يبقى فيه كفارة لكن الكذب فالجمهور قال ماذا ما فيه كفارة هذا يحتاج توبة والإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه قال لا فيه
كفارة ويحتاج لتوبة كذلك تشديدا على الكذاب هذا أيكذب المؤمن يقولون سيدنا هكذا قال لا، فاللهم جنبنا الكذب وأهله، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.