سورة البقرة | حـ 257 | آية 228 | تفسير القرآن الكريم | أ د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ثم يقول ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وهنا ألقى بالمسؤولية على المرأة وهنا أعلى من شأن المرأة لأنه بإلقاء المسؤولية عليها فإنه يكون قد جعلها أهلا للمسؤولية وفي هذا
إعلاء لشأنها لأنه جعلها المستند والمرجع والحجة وجعل كلامها غير مبحوث فيه وهذا شأن الحجة فالحجة غير مبحوث فيها هي حجة بذاتها لا جدال ولا نقاش حولها وفيها طبيعة الحجة والبرهان أنها تكون هي المصدر، فجعل المرأة مصدرا للأحكام، مصدرا للقاضي حيث يفصل بين الناس، كلامها معتمد عليه، مستند إليه،
يرجع إليه الزوج والأب، ويرجع إليه الرجال. فكيف تكون من كان هذا حالها ناقصة في نفسها إذا كانت هي الحجة وإذا كانت هي السند وهي المصدر؟ غير المبحوث فيه بل المصدق، إذا فما ورد في الحديث الصحيح من نقص عقلها والذي فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقص شهادتها، ومن نقص دينها والذي فسره رسول الله صلى
الله عليه وسلم من تدليل الشرع لها بترك الصلاة والصيام وهما من أركان الإسلام في وقت يخفف عنها ربها سبحانه وتعالى التكاليف إنما هي تشريف وعكس ذلك إنما هو تخبط شوه صورة الإسلام عند غير المسلمين وساعد المسلمون في التشويه بعاداتهم وتقاليدهم لا بأصل شرعهم ودينهم فاللهم يا ربنا علمنا مرادك من كتابك هذا الكتاب الذي ساوى بين الرجل والمرأة في أصل التكليف ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة هذا الكتاب الذي منع كلا من الرجل والمرأة على حد
سواء أن يتمنى ما فضل الله به بعضهم على بعض ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله هذا الكتاب الذي سوى بين أصل الخلقة فجعلهما وكأنهما إنسان واحد فيقول يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وجعل الخير والشر فيهما على حد سواء فروي في قصة الخلق وفي قصة إبليس أنه قد أزلهما فأزلهما الشيطان فأخرجهما مما كانا فيه
إلى آخر الآيات ولم يقول إن المرأة قد أغوت الرجل وأنها أطاعت إبليس وأنها فعلت وتركت كما حكي في غير القرآن الكريم، إذ قوله تعالى "ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن" إنما ألقى بالمسؤولية عليها فجعلها سندا وربط ذلك بالنفس الأمارة بالسوء قد تفكر المرأة كما يفكر الإنسان في اتباع الشهوات في تحصيل المصالح في الكذب، ولذلك ربط ذلك بعلاقتها
مع ربها سبحانه وتعالى وجعل هذه العلاقة تتحكم فيها كما تتحكم في الرجل فقال إن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فجعل إيمانها بالله وإيمانها باليوم الآخر رادعا لها كما هو رادع للإنسان بجملة عن أن يفعل السوء ثم رتب على ذلك حكم آخر يتعلق بالأزواج فقال وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا، إذ إن أرادوا إصلاحا يلزم منه أن الطلاق كان لفساد
وقع بينهما، وما دام الطلاق كان لفساد وقع بينهما فإن الطلاق كان من أجل الإصلاح، فإن رأينا الإصلاح بعد الطلاق في العودة فالمناط إنما يدور وجودا وعندما مع الإصلاح والصلاح وهذا يحتاج إلى تفصيل وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته