سورة البقرة | حـ 26 | آية 2 : 3 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 26 | آية 2 : 3 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله نعيش هذه اللحظات مع قوله تعالى "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" وعرفنا أن ذلك تأتي للتعظيم وأن الكتاب إنما هو ذلك الكتاب المعهود حضورا أي القرآن أو كما ورد في قوله تعالى إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا وعرفنا أن هذا الكتاب مبرأ من التهمة ومن الشك ومن الحاجة لأننا لا نريد به إلا وجه الله لا نريد به دنيا ولا نريد به أن نتكسب مالا وهنا ما يسمى بعلامة التعانق
وعلامة التعانق في المصحف تراها في سورة ثلاث نقاط بعضها فوق بعض مكررة مرتين وحكمها أنه يجوز لك أن تقف عند الأولى فلا تقف عند الثانية وإذا وقفت عند الثانية فلا تقف عند الأولى ونرى علامة التعانق في المصحف الشريف ذلك الكتاب لا ريب فيه ثم علامة التعانق فيه ثم علامة التعانق وعلى ذلك فيمكن نقرأ هذه الآية على وجهين، الوجه الأول: ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، والوجه الثاني: ذلك
الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، والفرق بينهما أنك إذا قلت ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين فإنه يكون هداية لبعض المتقين ولا يكون هداية دائما للمتقين، بل إن بعض المتقين يغلق عليه، ولكن ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. إذا كنت تقيا فسوف يفتح الله سبحانه وتعالى لك، فسوف يفتح الله لك في هذا القرآن ما لم تكن تعرفه. واتقوا الله ويعلمكم الله. وعلى ذلك إذا لم يفتح عليك
فأنت لم تصل بعد إلى درجة المتقين، فالأولى ألا استلزام فيها. بين وصولك للفتح وبين التقوى بل قد تكون تقيا ولم يفتح عليك بعد والثانية فيها استلزام بين الفتح وبين التقوى إذا لم يفتح عليك فلست تقيا لأنك لم تصل إلى الدرجة التي سيعلمك الله فيها بتقواك وإن كنت مؤمنا وإن كنت مسلما وإن كنت طيبا لكن لم تصل إلى درجة التقوى وكلاهما معنى صحيح، ولذلك يجوز أن تقرأ هكذا وتقرأ هكذا، وإن كان غالب مشايخنا يقرؤونها "لا ريب فيه هدى للمتقين"، فيجعلون
هذا الكتاب كله هدى للمتقين دائما، وأن المتقي إذا وصل إلى هذه الدرجة فتح عليه بالهداية بواسطة كتاب الله سبحانه وتعالى، وهذا الكتاب كما أنه هدى للمتقين فهو حسرة على الظالمين وهو مغلق أمام الذين لا يؤمنون، ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي، قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى، أولئك ينادون من مكان بعيد، فإن هذا
الكتاب هداية ولكنه هداية للمتقين كما ذكرنا على ثلاثة أنواع منها التوفيق ومنها الدلالة والفهم ومنها هداية المكان والقرآن يقوم بهداية الدلالة بهداية الدلالة فهو يدل على الخير القرآن وهو يدل على الخير ليس فيه ما يرغم إنما هو يدل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
ومسألة حساب المؤمن والكافر في يوم القيامة إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا إنما هنا لكم دينكم ولي دين لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ثم بعد ذلك نرجع إلى ربنا ونعود إليه في يوم ينبئنا فيه بما كنا نعمل وينبئنا فيه بما كنا نختلف ويحكم بيننا فيما كنا فيه نختلف وهكذا ولكن القضية هي أن هذه الحياة الدنيا فيها دعوة ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن هذه هي حقيقة القرآن أنه هدى للمتقين أنه لا ريب فيه
أنه ذلك الكتاب العظيم الذي يحمله من آمن به للناس أجمعين فإذا نحن فعلنا ذلك صرنا على الصراط صراط الذين أنعم الله عليهم صراط المهتدين صراط منزه عن أن يغضب الله علينا فيه ولا أن نضل ولا أن نتوه ونحتار كما سألناه في الفاتحة هذا القرآن العظيم يبدأ بهذه الآية العظيمة أو بالآيتين الم وهي آية ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، ثم يصف هؤلاء
المتقين فيقول الذين. كلمة الذين عندما تأتي بعد معرفة، ما هم المتقون معرفة، بالألف واللام، فالذين اسم موصول تكون صفة للمعرفة. يبقى كأنه لما قال الذين هي صفة للمتقين. من هم المتقون إذن هؤلاء؟ هدى للمتقين الذين، صفة مباشرة. عندما تقول مصر التي في خاطري وفي دمي تبقى مصر التي هي على الدوام صفة لمصر، فما صفة مصر؟ إنها في خاطري تملأ بالي، فهذا كذلك للمتقين الذين هم الذين يؤمنون بالغيب، فتبقى هذه
عناصر التقوى أن تؤمن بالغيب، ولذلك لما سئل سيدنا علي عن التقوى قال: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل، ما رأيك؟ كلها غيب، الخوف من الجليل سبحانه وتعالى غيب الغيب لأنك لا تراه بعينك، والعمل بالتنزيل ما دمت قد آمنت بالوحي، والاستعداد ليوم الرحيل وهو يوم القيامة أيضا، عندما تموت ستذهب إلى يوم القيامة وهو أيضا غيب، ولذلك هذه هي التقوى والتقوى فيها كلام كثير. كثيرا وإلى لقاء آخر