سورة البقرة | حـ 265 | آية 233 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وفي هذا القدر من الآية أمور إذا وقفنا عند لفظ الوالدات فإن الله سبحانه وتعالى جعل الولادة مناط الأمومة أولا، فإذا من هي الأم؟ الأم التي ولدت، فإذا
الأم الأصلية هي التي ولدت، لأن الله سبحانه وتعالى اشتق من كلمة الولادة صفة وهي الوالدة التي جمعها الوالدات، ثم بنى أحكاما على هذه الصفة، وتعلق الحكم بالمشتق يؤذن بعلية ما منه الاشتقاق، أي عندما رتب الحكم على الولادة والولادة هي المشتق منها فتبقى الولادة هي علة الحكم وفي كل شيء هكذا عندما يحكم على السارق والسارقة بقطع اليد فإن صفة السرقة هي السبب والعلة في قطع اليد أو عندما يرتب على الزنا الجلد فيبقى الزنا هو
السبب في الجلد بحيث إذا وجدت هذه الصفة الولادة السرقة الزنا وجد الحكم وإذا لم توجد هذه الصفة لا يوجد الحكم هذا معنى العلية أو السببية أنه إذا وجدت الصفة وجد الحكم وإذا انتفت الصفة انتفى الحكم فهذه الآية تعلمنا هذه القاعدة وأيضا هذا أسلوب يسمى في اللغة العربية بالأسلوب الخبري والوالدات يرضعن أولادهن يبين لنا خبرا ما رأيك في أنه
لا يريد الخبر بل يريد منه الأمر والأمر من ملف آخر وهو ملف الإنشاء ولذلك يقال هذا خبر أريد به الإنشاء فيبقى إذن عندي أشياء أستنبط منها أوامر ربانية وهذه الأشياء والألفاظ ليس فيها أمر بمعنى أن كلمة والوالدات يرضعن أولادهن معناها ارضعن أولادكن فأين الأمر ليس هناك أمر لا فيه لأن هذا الخبر يراد به الإنشاء ومن دخله كان آمنا
يعني الذي يدخل البيت الحرام يجد نفسه آمنا هذا خبر فلنفترض أنني دخلت ووجدت أنه ليس هناك أمن فيصبح هذا الخبر كذبا لا لماذا قال لأن هذا الخبر إنما في حقيقته يراد به الأمر آمنوه بحيث أن من دخل هذا البيت آمناه قالوا حتى لو استجار به مجرم لو استجار مجرم بالبيت فإننا نؤمنه ونهدئ من روعه ولا
نقبض عليه وكذلك يعلمنا ربنا لأن هناك أناسا عندما لا يعرفون هذا العلم يقعدون يجادلون بغير علم في الدين عندما تقول صلى الله عليه وسلم فهذا خبر يقوم أحدهم فيقول لك والله، طيب ما أنت هكذا لم تصل على النبي، ويظل يجادلك في كلام لا معنى له، والله يعني عندما أقول عندما تقول سيدنا محمد يقول لك صلى الله عليه وسلم، فلم تصل على النبي، يقول لك نعم أنت تعطي خبرا هذا ربنا صلى عليه أين صلاتك إذن؟ أنت تقول له لا اصمت، أنت لا تعرف شيئا، لأن هذا خبر يراد به الإنشاء الطلب أن
تقول أي يا رب صل على سيدنا محمد، كأنك تقول اللهم صل على سيدنا محمد، لكنك لم تقل اللهم، نعم لم تقل، ولكن هذا اسمه كذلك في اللغة العربية. خبر يراد به الإنشاء انظر إلى الآية تتحدث عن الرضاعة لكنها علمتنا قاعدة أن بعض العرب يعبرون عن الإنشاء بالخبر أي يعبرون بالخبر ويريدون الإنشاء أي خبر أريد به الإنشاء إذن والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين هذا خبر وانتهى الأمر هكذا وسنجد أن كل امرأة تريده
ولا تستطيع إلا أن أبدا، فهناك نساء يكرهن الرضاعة ونساء لا يردن أن يرضعن لأي سبب كان، لا هذا ليس خبرا، هذا خبر أريد به الإنشاء فهو أمر يعني ينبغي عليك أيتها المرأة أن ترضعي أولادك والوالدات يرضعن، فما حقيقة الرضاع؟ حقيقة الرضاع هو وصول اللبن إلى جوف الطفل وهو أقل من سنتين، هذا خاصته هكذا، طيب ولو كان أكثر من سنتين فلا يكون رضاعا، طيب
أنت تقول وصول اللبن إلى جوف الطفل، فهل يشترط أن يرضع الولد من ثدي أمه؟ لا، يشترط، لا يشترط، هذا يمكن للأم أن تنزل اللبن وتسقيه للطفل، تنزل اللبن في كوب وتسقي الطفل فيكون قد رضع، فبعض أعتقد أن الرضاعة يجب أن تكون من ثدي المرأة، هذا خطأ تماما، فمن أين جاء هذا الجهل؟ إنه أتى من الجهل باللغة، لذلك درس اليوم يجعلنا ننتبه إلى اللغة في مفرداتها وتراكيبها، هذا ملخص الدرس، انتبه إلى اللغة على مستوى الألفاظ وعلى مستوى الجملة، وإلى لقاء
آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته