سورة البقرة | حـ 269 | آية 233 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. اللهم افتح علينا فتوح العارفين بك ونور قلوبنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وفهمنا مرادك من كتابك يا أرحم الراحمين. مع كتاب الله وفي سورة البقرة وفي الآية العظيمة التي يقول ربنا فيها والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين يقول ربنا لا تكلف نفس إلا وسعها وقلنا إن هذه الآية تعد مبدأ قرآنيا كقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
وأن سعيه سوف يرى ولكم في القصاص حياة مبادئ قرآنية عفا الله عما سلف مبدأ قرآني هكذا هو جزاء سيئة مثلها يسمونها المبادئ القرآنية، ومن المبادئ القرآنية لا تكلف نفس إلا وسعها، وإن هذا المبدأ يصلح لأن يكون أداة للعمل وللفهم وللتقويم ولحث الإنسان على الحركة ولضبط النفس، وأن يكون معيارا للحق وللقبول وللرد. كل هذا معناه أن المبدأ لا تكلف نفس إلا وسعها يقول لك ما على المحسنين
من سبيل، نعم لأن أمامنا أنني من المحسنين بذلت ما في وسعي بذلت ما في إمكانياتي فلا يلومني أحد لأنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، يبقى إذن الذي يلوم المحسنين على إحسانهم هو مخطئ لأنه ما دمت قد بذلت غاية ما في وسعي فأنا أستحق الشكر لا الكفران، أما أن أبذل غاية ما في وسعي ثم تأتي تلومني على أساس أن النتيجة لم تتحقق، فإن علي أن أسعى وليس علي إدراك النجاح كما قالوا "ما على المحسنين من سبيل" "لا تكلف نفس إلا
وسعها" وقلنا أنه كان في الماضي معان يبذل الإنسان فيها وسعه لم أسمع عنها في عصرنا كثيرا وعسى الله أن نحصل عليها هنا أو هناك، كان من هذه المعاني الشهامة وكان منها المروءة ومنها النجدة ومنها الجوار، والجوار هذا يجعل الإنسان يعتز بنفسه ويعرف أن له قيمة وكان الجوار يسعى بذمتهم أدناهم أي أن أي مواطن بسيط يجير أي شخص في
العالم لا تحتاج لأن تكون عظيما ولا وجيها في قومك بمجرد أنك مواطن بسيط غالبا هكذا هو وأن تؤجر أحدا من الناس أن تؤجر أحدا من الناس كيف هي في عصرنا مثل الكفالة مثل التأشيرة يعني واحد من المواطنين قال فلان هذا يريد أن يأتي عندي هنا فليعطوه تأشيرة في السفارة مباشرة لأنه يسعى بذمتهم أدناه قوم كانت بني آدم هذا يحس أنه بني آدم يحس أنه لا أريد أن أقول رجل لأن هذه الصفة أيضا في النساء فالمرأة تشعر بإنسانيتها تشعر بأن لها قيمة ويشعر الرجل أن له قيمة بحيث
أن كلمته لم تنزل في الأرض كل عصر يبكي على العصر الذي قبله لقلة هذه المعاني ونحن ندعو الله أن تعود إلينا لأن فيها البركة كل البركة مررت على المروءة وهي تبكي فقلت علام تبكي الفتاة فقالت كيف لا أبكي وأهلي جميعا دون خلق الله ماتوا حسنا وبعد ذلك شيء سيء كان اسمها الشهامة وكانت الناس تكفل بعضها البعض، واحد عليه دين ولا يأخذ الدين إلا إذا قلت أنا: انتهى هذا الدين، فإن لم يستطع سداده فأنا أسدده
شهامة، وبعد ذلك تطورت الأمور حتى قالوا: إن الكفالة أولها شهامة وأوسطها غرامة وآخرها ندامة، أولها شهامة لأنني قلت أنا أكفله وأوسطها غرامة لأن سأدفع عنه ما لا يدفعه هو، سيهرب وفي النهاية سيقول: هات يا عم ما دفعته عنك، فيقول له: آه وأنت ما زلت تتذكر، ندامة غرمت لواحد مثل هذا، حسنا وبعد ذلك يبقى إذن للشهامة ذهبت لما برزت النذالة ما ذهبت، هكذا ذهبت من تجربة مريرة، لكن لو كان هذا الشهم والله لقد أصبح
هذا الرجل الوضيع هو الذي يهمش وليست الشامة هي التي تهمش، ودائما نقع في هذا، نرى واحدا يشرب الخمر ويصلي فنقول له: يا رجل اترك الكلام الفارغ، أتصلي وأنت تشرب الخمر؟ اذهب اترك الصلاة، لا يصح هذا، أمر بالمنكر ونهي عن المعروف، لا، بل له أقلع عن الخمر أنت تصلي برافو عليك تصلي لكن أقلع عن الخمر نحن نعكس الأمور فأخرجنا المعاني الجيدة وطردنا المعاني السيئة هذه المعاني الجيدة من حياتنا والأمر على عكس ذلك لا تكلف نفس إلا وسعها فيجب علينا أن نبذل ما في وسعنا لله رب العالمين لا لأحد سواه وإلى نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته