سورة البقرة | حـ 271 | آية 233 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 271 | آية 233 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة وفي هذه الآية العظيمة التي يبين الله لنا فيها من آثار الزواج الصحيح يقول ربنا سبحانه لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده إذا أساس التكليف هو الطاقة لا تكلف نفس إلا وسعها، وهذا هو نص الآية نفسها الآية التي ذكرناها، فالوالدة لا
ينبغي أن تضار أو يصيبها ضرر لأنها والدة، وعلى ذلك فلا بد فرضا حتما على الرجل أن ينفق على الطفل وعلى هذه الوالدة حتى لا تكلف فوق وسعها، ولأن المرأة تحمل ثم تلد ثم ترضع ثم تعمل منذ الولادة بل منذ الحمل بالرعاية والعناية للإنسان وتعمل بعد ذلك أما تربي نشءا يحتاج إليه المجتمع البشري فإنها لم تكلف تخفيفا عليها بالسعي في الأرض
ولا بتحصيل النفقة لأنها وهي حامل في حالة ضعف وهي تلد في حالة ضعف وهي ترضع في حالة ضعف رعاها ربنا. سبحان الله تعالى وكلف الرجل حتما فرضا واجبا عليه أن ينفق، فهذا لصالح المرأة. فإن جاءت امرأة وأرادت أن تسعى فهي حرة، ولكنها وكأنها قد تنازلت عن شيء مما حباها الله به. فهذا هو البديل وليس هو الأصل، بل الأصل هو أن تتوافق مع طبيعتها وأن تفخر بأنوثتها وأن ترضى. بما أقامها الله
به، ولذلك نهينا أن يتشبه الرجال بالنساء وأن تتشبه النساء بالرجال شكلا ومضمونا ووظيفة وخصائص، وليس في الشكل فقط. لا تضار والدة بولدها ولا مولود له، وهو الزوج. ولما لم يسمه زوجا لأن الرعاية والعناية والنفقة هي في عنقه، سواء استمر في عشرته مع هذه المرأة أم لم يستمر إن استمر فعليه النفقة وإن لم يستمر فطلقها فعليه النفقة فإن لم تتزوج هذه المرأة عليه النفقة فإن تزوجت فعليه النفقة ولا
تنتقل هذه النفقة إلى الزوج الجديد مثلا بل إنها لذلك المولود له أو على هذا المولود له ولذلك هذه الكلمة التي عدل فيها عن كلمة الزوج وهي حالة تؤول إلى كلمة المولود له وهو نسب دائم لا يستطيع أن يتبرأ منه ولا أن يدعي خلافه ويقول لي أنا قد طلقتك فهذا ليس ولدي لا يصح هؤلاء أولاده إلى يوم الدين وأولادهم أولاده أيضا إلى يوم الدين هذا قطعي لا يصح فالمولود له لا يستطيع أن ينفي النسب ما دام قد سكت عنه، أي يعني
أن رجلا ولد له ولد في نكاح صحيح في زواج صحيح وبعد عشر سنوات قال: على فكرة أريد أن أقول لكم شيئا، هذا الولد ليس ابني، أنا أشك فيه، لماذا أصلا؟ أنا أجريت فحصا، لماذا أصلا؟ أنا لم أفعل، هذا الولد ولا يقبل القاضي كلامه فيقول له ماذا تريد وهو يقدم الأوراق أمام القاضي فيقول له أريد أن أنفي نسب ولد كان ابني لمدة عشر سنوات وأنا أريد أن أنفيه فقام حضرة القاضي يقول له اخرج فيقول له حسنا اسمعني فيقول له لن أسمعك حسنا هذا أنا معي أدلة فأقول لك لن أسمعك إذن القضية ليست قضية أدلة لأن القاضي هذا حكيم لو كانت قضية أدلة لسمعه فإذا ثبتت الأدلة حكم وإذا لم تثبت لم يحكم القضية ليست كذلك هذه القضية أنه
لا يجوز له أن ينفي الولد لأنه مولود له طيب هذا فعلا يمكن أن يكون عنده دليل نعم لكنه لا يستطيع أن ينفيه وذلك يؤدي إلى استقرار الأنساب حتى أنه لا يستطيع أن ينفيه شرعا ولا مولود له بولده ولذلك فإن العناية والرعاية من هذا الأب يجب أن تكون في طاقته وإلا كلفناه فوق طاقته بحيث أنه يذهب فيمد يده إلى الرشوة ويمد يده إلى السرقة ويمد يده إلى النصب والاحتيال على خلق الله من أجل الحصول على المال، حيث إننا لا نكلفه
فوق طاقته أبدا، بل على قدر طاقته يقف، فتبقى كلمة "ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، والتي تكلف الإنسان في حدود طوقه وقدرته فقط، تمنع الفساد الاجتماعي، وتسد بابا ليس فقط للفساد النفسي بل أيضا للفساد طاقتك فترتكب من أجل ذلك الحرام، إن كلام ربنا سبحانه وتعالى إذا ما تأملناه وتدبرناه وأنزلناه في واقع الناس وحياتهم وعشنا كلام الله فإننا نجد أن جميع التكاليف تأتي وكأنها سهلة ميسرة ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من متذكر وإلى لقاء
آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته