سورة البقرة | حـ 28 | آية 3 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 28 | آية 3 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
تحدثنا إذن عن غيب الغيب وغيب الغيب هو الله سبحانه وتعالى، أساس الإيمان هو الإيمان بالغيب، الركيزة الأولى للإيمان هو الإيمان بالغيب، الذين يؤمنون بالغيب، هذه ركيزة واحدة وهي الإيمان بالغيب وهو الله، يترتب عليه الإيمان بالغيب وهو الملائكة والجن لإخباره بذلك، يترتب عليه الإيمان بالغيب وهو الرسول الذي لم نره صلى الله عليه وآله وسلم لكن رأيناه بقلوبنا وسمعناه بآذاننا في سنته التي حفظها الله
علينا سبحانه وتعالى إنما لم نشهده في عالم الأعين هذا إذن الأساس الغيب الذي منه تولد الإيمان بالغيوب الأخرى على درجات مختلفة هو الإيمان بالله هذا الأساس فإذا آمنت بالله تؤمن بالوحي لا أن تؤمن بالوحي وأنت لا تؤمن بإله يكون الأساس هو الله وبعد ذلك قد آمنت بالوحي وآمنت بالكتب وآمنت بالرسل وآمنت باليوم الآخر وآمنت بالتكليف وآمنت بالملائكة وآمنت بالجن وآمنت بالجنة وبالنار وبالثواب وبالعقاب وما إلى ذلك لأنك مؤمن بالله، فإذا كان أحدهم لا يؤمن بالله فلا تصدق إذن أساس المسألة ما هو؟ هو الإيمان بالله، وعندما
لا يؤمن أحدهم بالله، أساس هذا هو أنه غيب، فيقول لك: أنا أؤمن بماذا؟ بالمحسوس الذي معي، أما هذا فأين هو؟ أنا رأيته، أنا عرفته، وهكذا كل الكفر والإلحاد مبني على هذه النقطة: الذين يؤمنون بالغيب ضد الذين لا يؤمنون بالغيب، الذين يؤمنون بالغيب قد ينكرون الملائكة قد ينكرون الجن قد ينكرون اليوم الآخر قد ينكرون الرسل ويؤمنون حتى بوجود إله لا شأن له بنا خلقنا وتركنا فأساس المسألة من عدم الإيمان هذا هو قضية الغيب لماذا أنت تنكر الملائكة أو الجن يقول لك ما هو لم أره
ليس موجودا أنا أريد شيء محسوس، العلم هو ما كان قائما على المحسوس، لا، إن العلم هو الإدراك الجازم المطابق للواقع الناشئ عن دليل. تتفكر وتصل إلى أن الله وهبنا العقل ليس من أجل التشكك، بل من أجل استخدامه في ترتيب الأدلة وفهمها واستنتاج النتائج الصحيحة وتطبيقها. هذا هو العقل. الذين يؤمنون بالغيب، فالغيب الإيمان كله ومن خرج عن ذلك إنما خرج لأنه يريد المحسوسات المادية دون سواها فكلمة الغيب إشارة إلى أساس الإيمان وأساس الكفر الإيمان بالغيب بعض
الناس يقولون هذا عقل غيبي أو نحن نريد أن نقاوم العقل الغيبي طبعا هذه استعمالات مترجمة من اللغات الأخرى ما معنى العقل الغيبي يقصدون به العقل الخرافي الذي يتبع الأساطير والذي يتبع الانطباعات ولا يتبع الحقائق، هل هذا هو العقل الغيبي بمفهومنا نحن؟ لا، هذا العقل الغيبي هنا عقل عاقل وإيمان دافق ودافئ، هذا شيء جميل. إذن فما هذه الحكاية؟ لماذا أصبح للعقل الغيبي هذا معنى قبيح؟ وصحيح هو هذا فوضى المصطلح الذي نشأ عندما
تخلينا شيئا فشيئا عن لغتنا، الجميلة، لغتنا التي أنزل الله بها القرآن، لغتنا التي تكلم بها سيد الخلق. فلما غابت هذه اللغة وأصبحت غامضة، بدأت فوضى المصطلح إن صح التعبير. أصبحنا نعتبر كلمة العلم كأنه هو العلم التجريبي فقط، لا، العلم هذا واسع، منه تجريبي لا ننكره. ومنه أيضا علم عقلي بدليل عقلي وعلم نقلي بدليل نقلي وعلم شرعي بدليل شرعي وكلها علوم وعلوم وصلت إلى الإدراك الجازم، العقل الغيبي نعم العقل الغيبي بمعنى الأساطير والخرافات والانطباعات وعدم السعي وراء الحقائق نعم
هذا عقل مذموم نحن نذمه، أما الإيمان بالغيب فهذا هو أساس الإيمان وهذا هو الضابط. الذي ننطلق منه في حياتنا نبدأ حياتنا ونحن مؤمنون بالله ومؤمنون بما أنزل وعارفون أننا في التزام وأن هناك يوما آخر سنعود فيه إلى ربنا ومطمئنون إلى هذا اليوم، نطمع في وجه الله الكريم أن يدخلنا الجنة، نطمع في وجه الله الكريم أن يقيمنا على الخير في هذه الحياة الدنيا. وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، ثم نعمل، هذا هو المسلم، هذا هو المؤمن، هذا هو الحقيقي الذين يؤمنون بالغيب، هدى للمتقين
الذين يؤمنون بالغيب. إذا لا بد للإنسان في نفسه أن يكون تقيا، ولا ينتصر في هذه الحياة الدنيا إلا من خلال أمته الذين يجب عليهم أيضا أن يكونوا الأتقياء، فإن كان وحده تقيا فهو الوحيد فقط الذي إذا اتقى ينجح في حياته ويكرمه الله، ولكن وحده، لكن يجد من حوله فاشلين لأنهم ليسوا أتقياء، ومن هنا جاءت الآيات التي تخاطب جمعا، وكان هذا الدين لا يتم، لا يكتمل إلا في جماعة، في أمة، لا يتم ببعض
الناس يقول الله إذن يا أخي ما بال المسلمين متخلفين لماذا لأنهم خرجوا عن حد التقوى، حسنا هذا أنا لم أخرج، نعم ما أنت ستجد نفسك ناجحا إذا كنت كذلك ستجد نفسك الله يكرمك، لكن نريد أن يكون هذا دين مبني على كلمة والذين الذين هذه تثبت أنه دين دعوة شخصي آمن واسكت لا آمن وبلغ ويقيمون الصلاة إذا الإيمان القلبي وحده هو البداية صحيح لكنه لا يكفي لا بد من العمل المصدق لهذا الإيمان وأن قوما قد غرهم بالله
الغرور الذي هو الشيطان يقولون نحن نحسن الظن بالله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل هذا في الحديث النبوي الشريف هكذا إذا من آمن ولم يعمل كالساعة المعطلة في قلبها من الداخل قم تجدها لا تعمل أيضا واحد يقول لا هذا أنا مؤمن قلبي بينه وبين الله عامر وهو لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولا كذا إلى آخره طيب إذا ركيزة الإيمان الغيب وسيتولد من هذه الركيزة كل أنواع الإيمان وجميع أقسام الإيمان وجميع مفردات الإيمان وركيزة العمل الصلاة فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول بني الإسلام على خمس وجعل
الصلاة أولها وعندما يقول إن هذا ركن من أركان الصلاة ويقول العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة العهد الذي بيننا وبين الناس الصلاة من تركها فقد كفر وانتبه إلى ما يقول، إنه قد كفر، لم يقل إنه كافر، أي أنه أتى بشعبة من شعب الكفر لأنه هو الركيزة الأولى للعمل، ومن ترك العمل كله لا يخرج عن الإسلام ولكنه يكون ناقصا فاسقا يكون عاصيا وهذا شيء ليس بطيب، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله