سورة البقرة | حـ 287 | آية 243 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 287 | آية 243 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون في هذه الآية يصدرها ربنا سبحانه وتعالى ألم تر وكلمة ألم تر تعني أخبرني نبئني وهذه كلمة للتنبيه يعني انتبه لي عندما نقول هكذا في العامية انتبه أو انتبه لي يعني
انتبه ألم تر ألم تر فتبقى كأنها بهذا المعنى كله ما إن تجد قلما حتى تعرف على الفور أن المقصود هو أنه لا يسأل بل ينبه، انتبه لي، ركز معي، قل لي هل تعرف هذه الحكاية أم لا، فتقول له لا لست منتبها إليها، فيقول لك إذن انتبه لي الآن، ألم تر، انتبه، ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم أنت لا تنتبه، لا تنتبه للناس الذين خرجوا من ديارهم، ما الإجابة؟ لا لست منتبها ولا أعرفهم، لا أعرف، فيقول لي إذن انتبه الآن، انتبه إلى أن هناك ناسا سيخرجون من ديارهم وهم آلاف حذرا من الموت، إذن هم فروا من
الموت قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم لا توجد فائدة الموت ملاقيكم ولو كنتم في بروج أيضا مشيدة ولو كنتم في بروج مشيدة يقول له هناك يقول ماذا فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين يبقى إذا هناك أناس يفرون من الموت وكان الموت ليس بيد الله وإنما هو أمر طبيعي إذا فعل كذا مات وإذا لم يفعل لم يمت إذن فهيا بنا نهرب من الموت لا بأس أن يتخذ الإنسان الأسباب فوجد مثلا بركانا ثائرا أو وجد عاصفة أو كان في زلزال
أو كان في شيء من هذا أو ذاك فيهرب أو أسد هيكله فيهرب يجرب ما فيه مانع لكن جريان السبب والتحصيل حتى لا يكون قد ألقى بنفسه إلى التهلكة وليس جريان في العقيدة يعني هنا يتكلم عن العقيدة ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف يبقى هذا شعور عام ما هو الشعور واحد أم اثنان أم ثالثا، الإنسان يحب الحياة ولكن لا مانع من حب الحياة بعقيدة سليمة، لا تحب الحياة بعقيدة غير سليمة، فيكون الذي نحن هنا نصححه هو العقيدة، فيأتي أحدهم ويقول: يا الله، يعني أنتم تكرهون الحياة؟ لا، نحن نحب الحياة
بعقيدة صحيحة وأنت تحب الحياة بعقيدة فاسدة، فالخلاف الذي بيننا وبينكم ليس إنكم تحبون الحياة ونحن نكره الحياة، لا لم يحدث هذا الكلام، فالحياة الدنيا والحياة الآخرة عندنا سواء، فكيف نكره الحياة؟ ولكن نحن نحب الحياة بعقيدة سليمة وأنت تحب الحياة، فقد اشتركت معي أيضا في حب الحياة لكن بعقيدة فاسدة، فأين اختلفت معي؟ ليس في حب الحياة، اختلفت معي في العقائد الفاسدة وأنا عندما أجيء لأصحح أصحح ماذا أصحح العقيدة لست أصحح حب الحياة إلى بغض الحياة ليس هناك هذا الكلام وإنما
نحن من العقيدة الصحيحة فإن هذه الحياة يمكن أن تزين بعقيدة فاسدة فتسمى الدنيا فيصبح حب الدنيا فيصبح هناك فرق ما بين حب الحياة وحب الدنيا زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، آه تعلق قلبك بهذا عدم أداء واجبات، هذا الانحراف بهذه المنن التي خلقها الله إلى مرتبة الشهوات وهي التي فيها خروج عما أمر الله، فيها خروج عن الفطرة، فيها خروج عن التكليف
وترك الإنسان نفسه كالحيوان البري يفعل ما يشاء فحينئذ يصبح اسمها زينة للناس يحب الشهوات وحينئذ تصبح هذه الشهوات هي الدنيا ولكن ليست هي الحياة فالحياة يمكن أن أملك فيها المال والبنين ويمكن أن أملك فيها الأسرة ويتمتع كل أفراد الأسرة بمالهم وحسبهم ونسبهم من غير طغيان ولا عدوان ولا انحراف عن أمر الله تبقى هذه حياة ولا تبقى دنيا ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف وأول ما يقول لألوف فما هذا الشائع في الناس ويحتاج إلى تصحيح حذر الموت فقال لهم الله موتوا فماذا حدث إذن
فماتوا كلمة فماتوا غير موجودة إذن هنا الاكتفاء يقول لك ماتوا أي فماتوا، والله فحسب فماتوا غير موجودة، أجل ما هو يكتفي، طيب ويدل على الاكتفاء ما بعده ثم أحياهم، يبقى الله يبقى ماتوا يبقى إذن يسمون هذا في البلاغة أي دون إكثار الكلام فقال لهم الله موتوا، لو كان قد قال هكذا فقال لهم الله موتوا فماتوا ثم أحياهم كان الغرض آخر، فهذا طور الكلام، نبحث حينئذ عن غرض آخر وهو طور الكلام، ولكن هنا سموه الاكتفاء، يكتفي، فقال لهم الله: موتوا، ثم أحياهم، إن الله لذو فضل على الناس، وانظر إلى الإطلاق: لذو فضل على
الناس في إحيائهم وفي إماتتهم، ولكن أكثر الناس لا يشكرون، ما هو في فضل هو منا، ولذلك جاء لا يشكرون وليس لا يعلمون، لا يشكرون. إذا هذا هو ظاهر الآية، فما باطنها إلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.