سورة البقرة | حـ 289 | آية 243 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 289 | آية 243 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون فسرنا في حلقة ماضية ما فتح الله به علينا في هذه الآية ولكن إذا ما سألنا أنفسنا ما هو عمق هذه الآية ربنا
يلفتنا وينبهنا إلى قوم لم نرهم لكنهم خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فإذا بهم يقدر عليهم الموت ولم يفصل لنا الله سبحانه وتعالى شأن هؤلاء الأقوام، فكأنه يريد أن نلتفت إلى هذه القضية، وهذه قضية تتعلق بالاستقرار والأمن، والاستقرار والأمن ينتفي في قوم ويخاف الناس، فإذا خاف الناس بدؤوا في التصرف غير الواعي لأهداف غير
واعية، والله يريد أن يذكرنا بأصل العقيدة وبربط قلوبنا معه سبحانه وتعالى وأننا من أسس الأمن. والاستقرار هو أن نؤمن بالله ونؤمن بأنه صاحب الحياة وصاحب الموت ونؤمن بأننا لا نستقدم ساعة ولا نستأخر ونؤمن بأن الإماتة والإحياء إنما هو بيد الله هذه من أسس الأمن والاستقرار لأننا لو كنا ننسى هذا كله ونعتقد أنه عندما يأتينا أمر من الخوف نهرب من ديارنا حذر الموت ونحن وبذلك
نبدأ في الطعن في التوكل على الله فنكون قد خرجنا عن الاستقرار والأمن وطعنا في التوكل على الله يقول لي لا أهدى إذا حل بأرض قوم طاعون فلا يخرج منها أحد وهو العزل الطبي نعمل عزلا هكذا ولا يخرج أحد لأنه حين يخرج ماذا يفعل تنتقل العدوى إلى الآخرين فيشيع الطاعون في الأرض كما شاع في الوباء الأسود الذي أهلك حوالي ثلاثة أرباع البشر في حوض البحر الأبيض المتوسط وذلك كان
في القرن الخامس عشر يسمونه الطاعون الأسود أو الوباء الأعظم وعندنا هنا عندما تفتح كتب التاريخ في سنة سبعمائة وتسعة وأربعين هجرية تجدها ما شاء الله آخذة في كتب تراجم الناس كمية كبيرة جدا، ما الحكاية؟ ومات في هذه السنة وتجده قاعدا يعدد العلماء الذين ماتوا والأعيان الذين ماتوا والحكام الذين ماتوا، شيء كبير جدا. ما الذي حدث في السبعمائة والتسعة والأربعين هذه؟ الذي حدث في سبعمائة وتسعة وأربعين الوباء الأعظم والطاعون الأسود. الذي طاف البحر الأبيض المتوسط كله حتى حكى ابن حجر العسقلاني وهو يحكي في هذه الفترة
قال وكان المال ينتقل إلى تسعة بيوت في يوم واحد يعني ماذا كان المال ينتقل في تسعة بيوت في يوم واحد يعني قصده أن هناك رجلا يموت فزوجته ترثه، وزوجته هذه من عائلة أخرى في نفس اليوم توفيت زوجته في نفس اليوم أي في الساعة الثامنة صباحا السابعة صباحا توفي الرجل في الساعة الثامنة توفيت زوجته ففي هذه الساعة انتقل ميراث العائلة ألف إلى عائلته فلما توفيت زوجته انتقل المال منها إلى عائلتها أخوها ورثها فتوفي الأخ في الساعة التاسعة فزوجته ورثته
فتوفيت هذه الذي هو من عائلة أخرى ورثها فمات هذا الابن في الساعة الحادية عشرة فزوجته ورثتها فماتت هذه المرأة في الساعة الثانية عشرة تسع مرات في يوم واحد ما هذا أمر بلاء هذا نتيجة لماذا من عدم طاعة هذا من عدم طاعة أن نحن نظل نربي الناس على التوكل على الله وعلى الرضا بالله وعلى الإيمان بالله وعلى أنه بيده الحياة والموت وهذا يؤدي إلى نوع من أنواع الصبر ونوع من أنواع الشجاعة أشياء إيجابية لا يؤدي إلى هذا الضعف الذي يجعل الناس تتدافع وتخرج بالآلاف حذر الموت
فيبقى باطن هذه الآية يدلنا على الاستقرار والأمن وكيف نربطه بالإيمان بالله وما سبب هذا؟ بعض الناس يستهينون بالإيمان بالله ويرونه أنه من نافلة القول وأنه يجب أن تكون لدينا مصانع ومزارع وأشياء من هذا القبيل كي نصبح أقوياء، والله يقول لنا إن أسس الاجتماع البشري ليست هكذا، أسس الاجتماع البشري هي عمق هذا الإيمان في قلوب الناس ومن هنا تأتي معجزة كيف أؤمن بهؤلاء الناس جميعا هكذا وهذه البساطة شيء لا يكون إلا من عند الله فصل اللهم على سيدنا محمد صل اللهم على سيدنا محمد وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته