سورة البقرة | حـ 29 | آية 3 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ثلاثة أشياء في هذه الآية الكريمة إذ واحدة ترجع إلى الغيب الذي هو أساس كل الإيمان وواحدة ترجع إلى العمل لكنه عمل مقصور على نفس الإنسان أي إقامة الصلاة تنفع من يقيمها في نفسه أنت إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر وإن كانت تنفع الناس من جهة أخرى غير مباشرة وهو أنه عندما يشيع في المجتمع إقامة الصلاة أيضا يشيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتذكير
بها يقول له يا رجل هذا أنت تصلي قوموا يذكروا بالله الله هذا نحن لا خارجون من المسجد قوم يرقق قلبه أن يعفو ويصفح أن يسامح في القضاء أنه يرد المظالم إذا كان هناك مظلمة عنده وهكذا، لكن هذه منفعتها غير مباشرة ولذلك قال ومما رزقناهم ينفقون، فهذه هي الطاعة المتعدية، نستطيع أن نقول إن الصلاة طاعة قاصرة على نفس الإنسان أنا الذي سأستفيد منها ابتداء مباشرة أنا الذي سأستفيد منها حتى لو أفادت بطريقة غير مباشرة الناس الآخرين لكن هذه سأستفيد منها أنا أيضا بالثواب أما الذي سأنفقه مما رزقني الله للمستحق فقد
أفاد المستحق أفاد مباشرة أخذهم من يدي وسدد بهم دينه عالج بهم مريضه علم بهم ابنه شرب أكل لبس وهكذا يترابط بين أول الآية وآخر الآية، نغم فحسب، نغم رباني، نغم ولكن أي نغم رباني؟ يؤمنون بالغيب هذا في أول الآية، ومما رزقناهم نحن الذين رزقناهم، يظهر من هو الغيب، هذا يتكلم في
الأول عن نفسه صراحة وفي الوسط عن نفسه ضمنا وفي الآخر عن نفسه صراحة هو ما هذا النغم؟ هذا انسجام، قم واجلس هكذا، قل بصراحة، ضمنا بصراحة، أصحاب النغم يعرفون هذا الكلام، يعني أيضا ربنا يخاطب كل الناس، يخاطب الذي يحب الجمال ويخاطب الذي لا يحبه، ويخاطب الذي يحب الإيمان والذي يخاطب الذي لا يحب الإيمان، يخاطب كل الناس، يخاطب الذي عقله هكذا رياضي هندسي منظم ويخاطب الذي عقله فوضوي وذهب يمينا وشمالا وهكذا إلى آخره لأنه خالقه هو الذي خلق فأنزل الكتاب يخاطب العالمين وفي البداية قال ماذا الحمد لله رب العالمين ومما رزقناهم
أيضا يعطيني نقطة أخرى أن أنت لن تفعل شيئا هذا الفضل منا وإلينا أنا الذي أعطيتك وأنا الذي أرشدتك أن تعطي وأنا الذي سأعطيك ثوابا على ما أعطيته لك لتعطيه، فليس لك إلا أن تعمل وتقول الحمد لله ومما رزقناهم، لم يقل رزقوا أنفسهم، ولم يقل ومما اكتسبوا، ولم يقل ومما جاءهم من سعيهم في الأرض، العبارات كثيرة ولكن هذان مقطعان أو كلمتان جعلهما كلمة واحدة رزقناهم رزقا، من الذي رزق؟ أنا سبحانه رزق، من
هم هؤلاء؟ رزقناهم الرزق في لغة قريش معناه الأموال والطيبات، كلمة الطيبات هذه ترجمت بعد ذلك إلى اللغات الأجنبية فيسمون البضاعة، سموها جودز، جود يعني ماذا؟ يعني جيد حسن جيد طيب، يعني جود بوي الولد هذا طيب، وجودز طيبات، انظر أصبحت حضارتنا في العالم يطلقون على البضائع اسم "جودز"، لماذا إذن؟ من الذي أطلق على الأرزاق اسم "طيبات"؟ الله سبحانه وتعالى، ومن هنا فيقول
"ومما رزقناهم ينفقون"، يصرفون، يخرجون، لا ينفقون، لكي نفهم كتاب الله يجب أن نقف عند كل كلمة، بل عند كل حرف فيه، ففي اللغة العربية تجمع الكلمات المتشابهة بعضها ببعض في الشبه وتبحث عن رابط بينها ومن بينها مثلا قال لك كل كلمة تبدأ بالنون والفاء بغض
النظر عن الحرف الثالث يبقى معناها الخروج فيبقى معناها ما هو الخروج فيبقى نفخ يعني خرج طلع نفس كذلك نفس يبقى في شيء خرج هواء كذلك خرج من مناخيره نفق يعني خرج هكذا هو بسرعة هكذا نفق يعني أن هناك شيئا خرج منك إلى الآخرين نفق يعني أن هناك شيئا خرج ولذلك عندما يصنعون النفق هذا النفق تدخل من هنا وتخرج من هنا إذن مخرج نفق يعني ماذا يعني مخرج إذن والمنافق يعني خرج عن الجماعة هذه لأنه لو كان من الكافرين لكان في الفريق الآخر وانتهى الأمر،
لا بل قعد في وسطنا منا لكنه خارج عنا، ولذلك المنافقون عندما يسمعون كلمة منافق يرتعشون من داخلهم والله، هذا أنا لم أعد لي مكان، هذا أنا هكذا أخرجوني عزلوني أزالوني بالكماشة وعزلوني، فكان يرتعب عندما يسمع هكذا، ومما ينفقون العربي على الدوام، هذه النفقة ماذا تفعل في قلبه؟ العطاء وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.