سورة البقرة | حـ 290 | آية 244 - 245 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم". دائما وهو يأمرنا بالقتال يقيد القتال بأنه في سبيل الله، أما من قاتل من أجل أن يقال عنه إنه شجاع وجريء، أما من قاتل من أجل دنيا يحصل عليها، وأما من قاتل من أجل هيمنة يتسلط بها على خلق الله، وأما من قاتل من أجل شهوة هنا أو
هناك، فهؤلاء يقاتلون ولكن في سبيل الطاغوت، والطاغوت كل ما يعبد من دون الله، ولذلك ليس هناك في الآية الأولى إلا وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وقاتلوا، فهذا مصدره من القتال، بعض الناس اختلط عليهم الأمر فاختزلوا الجهاد في القتال، والجهاد أوسع من القتال لأن فيه جهادا أصغر وجهادا أكبر وهو جهاد النفس الذي هو الجهاد الأكبر رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ألا وهو جهاد النفس، أخرجه البيهقي في الزهد
عن سيدنا رسول الله. الجهاد الأكبر لأنك تجاهد نفسك طوال عمرك، الجهاد الأصغر لأنك في المعركة ستمكث شهرا أو شهرين أو سنة أو سنتين ولكن ليس طوال العمر، فالجهاد الأكبر لأنك عندما ترجع من الجهاد الأصغر لا تبق فتوة على الناس تحمل روح المقاتل هكذا يكون فيها نوع من أنواع الصمود والشعور بالقوة والعزة حسنا ولكن ليس على إخوانك ليس على جيرانك ليس على أهلك فأول ما يعود المجاهد المسكين يكون يريد فترة يكبح فيها جماح نفسه يتحول فيها من الشدة العسكرية إلى اللين المدني وهذا جهاد طوال عمره بقي هو قادر على أن يبطش بالآخرين لأنه مقاتل لكنه
يمنع نفسه هذا الجهاد الأكبر والذي لم يذهب إلى القتال ها هو يكافح في نفسه للطاعة للمنع من الشر ليجعل نفسه إنسانا عمارة إلى آخره ولذلك يسيء إلى نفسه وإلى الإسلام من يختزل الجهاد في القتال في القتل فيعتقد أنه عندما يقتل نفسه أو يقتل الناس ويقتل من غير أن يفرق من غير حاجة من غير من خرج على أمتي لا يفرق بين برها وفاجرها فليس مني ولست منه يعني مصيره في النار وقاتلوا في سبيل الله دائما القتال في سبيل الله وهو المسمى بأنه جزء من الجهاد أو هو الجهاد الأصغر
واعلموا أن الله سميع عليم ما هو في ناس يأتون يقولون لك نحن سنقاتل وفي سبيل الله ولكنه لا يقاتل في سبيل الله إنما جعل ذلك عنوانا على إفساده في الأرض فربنا يقول له أنا أعلم الذي في قلبك أنا سامع مطلع فأنت من ستخدع؟ أستخدع نفسك أم ستخدع المؤمنين أم ستخدع الناس أم ستخدع ربنا؟ من ستخدع بالضبط؟ واعلموا أن العلم دائما مرتبط في القرآن بالله، يعني كما نقول هكذا، ليس لأجل
النبي يا أخي افعل كذا، لا، بل يقول لك لأجل الله اعرف، لأجل الله، يعني إذا كنت تحب ربنا أعرف ولكن بقي هناك في ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام كذلك يهدد أنا هو رب أهو انظر إليه هكذا بنصف عين هكذا انظر إليه هكذا أنا رب أهو ويشهد الله على ما في قلبه ويقول للناس أشهدكم وأشهد الله وهو ألد الخصام، فما علامته؟ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل، هذه هي العلامة، أنت تهلك الحرث والنسل هكذا، لا ردا للعدوان ولا صدا للطغيان ولا في سبيل الله، إذن فأنت تفعل شيئا مهما تبرر وفعلك
مخالف، اسمع كلامك لأصدقك أم أراك أمورك مستغربة، طيب أنا سأسمع كلامك وسيخيل علي خداعك، سيخيل على الله، واعلموا أن الله سميع، ما هو سامع كلامك سمعك وأنت تقول أشهد الله هكذا هو بجرأة هكذا، وبعد ذلك فقط هو عليم بذات الصدور، عليم بما في قلبك، عليم بما في نيتك، واعلموا أن الله سميع عليم من الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله
يقبض ويبسط وإليه ترجعون وهذا يحتاج إلى تفصيل وبيان فإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته