سورة البقرة | حـ 298 | آية 249 - 251 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر، فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده. وهذه تكلمنا عنها في حلقات سابقة فشربوا منه إلا قليلا منهم يعني قليل أطاعوا وكثير عصوا وهذا شأن البشرية على مر التاريخ أن تجد القليل يؤمنون
الإيمان الصادق الذي أمر الله به والكثير يشركون بالله وأن تجد القليل من هؤلاء المؤمنين من يلتزم ويستقيم والكثير لا يلتزم ولا يستقيم إيمانه فإنه ليس كل من ارتكب معصية كفر، والله سبحانه وتعالى بين لنا هذه الحقائق وبين لنا أنه ينبغي على الإنسان أن يستقيم في علاقته مع الله سبحانه وتعالى وأن يقيم على الطاعة وعلى الإيمان لا على المعصية ولا على الكفران، وإن كان كذلك أكثر البشر قال وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله وهناك فشربوا منه إلا
قليلا منهم إذ لا يغرنك كثرة الخبيث لا يكون أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس فأحسنوا وإن أساءوا فلا لا تظلموا يعني لا تظلموا أنفسكم، ليس مبررا لك أن تقول هكذا يفعل الناس وأنا أفعل مثلما يفعل الناس أبدا. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، قال ابدأ بنفسك ثم بمن تعول، فإذن ابدأ بنفسك، لا تشغل بالك بعيوب الآخرين كلما جاءتك
نفسك أو الشيطان. وسوس لك بأن الناس قد فسدت وفي الأثر من قال إن الناس فسدت فهو أفسدهم يا أخي انظر يا أخي إلى حالك أولا وهذه نقطة دقيقة جدا أترى القذاة في عين أخيك وتترك جذع النخلة في عينك رحم الله امرأ شغلته عيوبه عن عيوب الناس فشربوا منه إلا قليلا منهم إذا شاعت المخالفة ماذا يفعل ولي الأمر؟ قال: يبقى يصبر ويحتال طالما
صبر عليه وسكت. فهل السكوت عن الفساد إذا انتشر من أجل أن نحقق الإصلاح خطأ؟ قالوا: لا، أنت ستعاقب من؟ ولا من؟ لا تعرف كيف تعاقب الجميع، لا بد أن تعيد التربية مرة أخرى حتى تعرف كيف تعاقب. الجميع كيف ولذلك يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا فلما جاوزوا فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا جميعهم يبقى المؤمن منه عاص ومنه
غير عاص لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ما إن ملأوا بطونهم من المياه وأعصابهم استرخت وأحسوا بأنهم يريدون أن بعد هذا الشبع وهذا الري فقال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين يعني أن شدة حلقة القضية ليست قضية كم بل قضية همة وعلى الهمة يحدث النصر يحدث النصر وعلى الهمة ينتصر الجيش أو
ينهزم ولما برزوا لجالوت وجنوده أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، دعاء وثقة بالله سبحانه وتعالى وطلب للنصر ولنزول السكينة على القلوب. والنبي نهانا عن أن نسأل الله الصبر إلا إذا نزل البلاء، سمع أحدهم يقول اللهم أنزل علي صبرا فسأله البلاء، لا تتمنوا لقاء العدو وإذا لقيتموهم فاصبروا، إذن نسأل الله الصبر عند نزول البلاء وأما قبل نزول البلاء نقول له لا طاقة لنا ولا تدخلنا في امتحان ولا تجربة ولا اختبار فهزموهم
بإذن الله مع تشديد هذه الآية المهمة وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء فيبقى طالوت كان ملكا وكان من جنوده داوود وداوود كان من الذين لم يشربوا من النهر ومن الذين دعوا ربهم وثبتوا في القتال ومن الله عليه بأن آتاه الملك بعد ذلك بعد طالوت تولى داود القيادة وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء يبقى علمه أسرار في ماذا أسرار الصناعة التي
يسمونها الآن اليوم سر الصنعة التي أحيانا يخفونها علينا لكي نشتري منهم المنتجات، هكذا علم الله داود ليكون كل علم في القرآن مرتبطا بالله، فالله عندما علم داود علمه ليس مجرد معلومات بل علمه علما نافعا ولم يعلمه معلومات لأن المعلومات يمكن أن نستخدمها في الخير ويمكن أن نستخدمها في الشر، ولكنه عندما علم داود علمه من لديه علما نافعا ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين. انظر كيف
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، تذهب في التفسير فيقول لك ولولا القتال الذي يحدث بين الناس، لكن الآن لا تقول قتال هذا بل تقول دفع، ولذلك نخصص لها الحلقة القادمة لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته