سورة البقرة | حـ 303 | آية 255 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 303 | آية 255 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم وهي أعظم آية في القرآن الكريم وهل في القرآن تفاوت في العظمة قال العلماء ليس هناك تفاوت
بين آيات الله في الإعجاز وفي كونها من عند الله ولكن هناك تفاوت بتفاوت الموضوع فالآية التي تتحدث عن وحدانية الله وقدرته وبديع صنعه في كونه غير الآية التي تتحدث عن أحكام كأحكام المياه أو كأحكام الحيض والنفاس أو كأحكام البيع والشراء وهكذا فإن التفاضل إنما يكون بتفاضل الموضوع وليس عندما نقول هذه أعظم آية في القرآن إنها تفضل غيرها في الصياغة أو في الإعجاز أو في أنها من عند الله ليس بهذا المعنى وإنما كل آيات الله آية
وآية في اللغة معناها معجزة خارقة ولو كانت من كلمة واحدة مدهامتان كلمة واحدة أهي آية الم آية فهي في الإعجاز سواء ولكن الخلاف في الموضوع هنا آية الكرسي وهي الآية التي يذكر بها المسلمون كثيرا ربهم لأن فيها من سرد صفات الله سبحانه وتعالى ولأن فيها العلاقة بين المخلوق والخالق والصلة كيف تكون
ولأن فيها مستقبل البشرية فإنها كانت أعظم آية وبدأت بلفظ الجلالة الله لا إله إلا هو هذه قضية الكون لأن هذا يفرق إلى قسمين، قسم لا يعلم إلا الحياة الدنيا، وقسم يرى أن هذه الحياة الدنيا مخلوقة لخالق، ولذلك فإنه مؤمن من أين جئنا، مؤمن بما نفعله الآن، مؤمن بما سيكون بعد الموت، وهذه الأسئلة الثلاثة هي التي شغلت البشرية: من أين نحن؟ وماذا نفعل الآن؟ وماذا سيكون غدا؟ وهذه إجابة
إننا من خلق الله، لا إله إلا هو، وماذا نفعل الآن؟ قال أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، فنحن على حد التكليف افعل ولا تفعل، فنهانا عن الفاحشة ونهانا عن المنكر وأمرنا بالطاعة وبالمعروف، والذي يحدد الحسن والقبح هو الله سبحانه وتعالى، وماذا سيكون غدا؟ هل يفنى الإنسان وتنتهي حياته؟ أبدا هناك حياة أخرى وهذا هو الذي يسلي الإنسان ويجعل لحياته معنى فتخيل أننا نموت ولا نحيا إذا كانت هذه آخر فرصة فيجب أن نعمل الذي نريده في الأرض
نشتهي كما نريد ونحصل على ما نريد والقوي يأكل الضعيف إلا أن الإيمان باليوم الآخر والإيمان أن هناك محاسبة وهناك جنة ونار لمن عصى تجعل الإنسان يقدم على الخيرات ويحجم عن السيئات ويفكر أنه ما دامت هناك عقوبة مترتبة على الجريمة فإنه يمتنع عنها وهذا بينه وبين ربه وليس بينه وبين نفسه ولا بينه وبين الناس إذا فرق كبير لأن الحقيقة أن الملحدين احتاروا في هذا وقالوا حسنا هذا ما إن لم يكن هناك رب فماذا سنفعل؟ فأنا قد أضرب لأنني لست الأقوى، هكذا يقول الملحد. قالوا إذن يجب أن نبحث
عن أخلاق أخرى نصنعها ونؤلفها نحن. فما هي هذه الأخلاق؟ فظلوا يبحثون حتى قال هكسلي وهو من كبار ملاحدة القرن التاسع عشر: الله ضرورة اجتماعية ما معنى هذا؟ إذا لم يكن الله موجودا حقا فيجب أن نقول إن هناك ربا ونخدع أنفسنا ونقول إن هناك ربا، اخدع نفسك كما تشاء، نحن لا نخدع أنفسنا، نحن مؤمنون بالله حقا لأن العقل يقول هكذا، وإلا فإن هذه الدنيا خدعة كبيرة لو لم يكن هناك رب الله لا إله إلا هو، إذن ربنا موجود ولكن لا شأن له بنا، خلقنا وتركنا فهو سبب
محض هكذا، نعم موجود ولكن ماذا يتركنا في حالنا يا الله، إذن ما هي إذن ما هو أيضا ترجع تفعل الذي تريده وكل واحد يفعل ما يشاء ويصبح لا قانون ولا في أخلاق ولا في خطأ ولا في صواب ولا في أي شيء، فماذا تفعل إذن؟ قال له: لا، الحي القيوم، يكون هذا حيا وقيوما، وما معنى القيوم؟ القيوم هو الذي تقوم به الأشياء، يعني ماذا؟ قال: يعني الخلق هذا منه، قال: نحن نعرف أن الخلق هذا منه، خلقه يعني منذ زمن طويل وبعد ذلك نحن نتزوج وننجب وهكذا، فقال: لا، هذا أنت ما زلت تخلق، هذا أنت قائم به وهو قائم
بنفسه، فما معنى أنني ما زلت أخلق؟ قال: يعني لو أن الله قطع عنك الإمداد لفنيت، ليس مت، لا، أتعرف السينما والفيلم يعمل، أغلقنا الآلة، ماذا يحدث على شيء انتهى لأنك قطعت الإمداد فإذا قطع الله الإمداد فإن الخلق يبقى هذا المنبر وهذا الجدار وأنت وأنا جميعنا في إمداد في خلق مستمر كل يوم هو في شأن صعبة هذه أن تفهم ربما صعبة فإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته