سورة البقرة | حـ 306 | آية 255 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة وفي آية الكرسي وهي أعظم آية في القرآن يقول ربنا سبحانه وتعالى يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء هذه صفة من صفات الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى يعلم ظاهرك وباطنك يعلم جوارحك وما في قلبك وما تفكر فيه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور هذه صفته ولذلك ينبغي للإنسان أن يقول في نفسه يا رب حسبي وكفى
أليس يعلم ما في قلبك أنت تدعو وتقول ماذا وهو يعلم يرتكب الإنسان ذنبا أو شيئا من هذا القبيل ويخجل من ربه ويستحي منه، فيأتي مؤمن يراه فيقول له: سامحني دون أن يفصح، أليس من الأولى أن يذهب فيقول له مثلا: يا رب، في الواقع لقد فعلت كذا وكذا، أي يعترف، ولكن بماذا ستعترف وهو يعلم كل شيء، هذه عقيدة عجيب أن ليس كل الناس في العالم هكذا، ليس كل الناس في الأديان هكذا أن الله يعلم ذلك، بعضهم يقول لك يعلم الكليات فقط، أما المسلم فهو يعرف أن ربه بداخله هكذا، هو يعرف أن ربه مطلع على ما في داخله ويفهم هذا، ولذلك هو قريب من التوبة والرجوع. من الذنب والمعصية والخطأ لأنه يعلم أن ربه مطلع عليه
ولكنه يريد أن يفكر قليلا لأنه أحيانا ينسى وما سمي الإنسان إلا لأنه ينسى وما نسي أول الناس إلا أول الناس لأن سيدنا آدم عاهد ربه فنسي فالناس من بعده نسوا هي الثانية يقول يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم هذه التراكيب أو التعابير ما بين أيديهم لها ظاهر، المصحف هو بين يدي هكذا، وما خلفهم الظهر الخاص بالكرسي هذا خلفي، لا ليس مقصودا هكذا، ما بين أيديهم وما خلفهم يعني يعرف كل شيء عنهم، فهذا يسمونه ماذا؟ التعبير التركيب، تركيب هكذا هو ما لا تأتي لتترجمه إلى
لغة أخرى هذا نحن نعرف الذي بين يديه والذي وراءه، لا يصلح أن يفهم شيئا غريبا شيئا ساذجا هكذا، لكن العربي هو يقول ما بين أيديهم وما خلفهم يقصد به الإحاطة التامة من كل وجه لكل شيء فيك، يعني يعرف كل شيء عنك، أنت مكشوف إليه سبحانه، ولا يحيطون بشيء من علمه بما شاء وفوق كل ذي علم عليم وقل رب زدني علما ولا يحيطون بشيء من علمه يبقى العلم هذا خاص بربنا فالذي يفصله عن ربنا لا يكون علما بل تكون معلومات في ذهنك فإن العلم لا يكون علما إلا إذا دل على الله ولذلك نسبه
الله إلى نفسه علمه أنت إذن عرفت معلومة كذلك عرفتها بإذن الله فمن تمامها أن تنسبها أن تنسبها إلى الله فإذا بك قد عصيت ولم تنسبها إلى الله تحولت إلى معلومة وليس إلى علم إنما يخشى الله من عباده العلماء إلا بما شاء إذن فكل العلوم بمشيئة الله ولذلك فإن علماء المسلمين يقولون إنك إذا أتيت إلى بلد فوجدت أنظمة قد نظموها للمعيشة والرفاهية، انظر إلى الكلام الجميل الخاص به لتنظيم
المعيشة وتحصيل الرفاهية. تنظيم المعيشة يعني مثل قواعد المرور هكذا، يقول لك قف هنا، امش، الإشارة الخضراء كذا، الصفراء كذا، الحمراء كذا لتنظيم المعيشة وتحصيل الرفاهية. يعمل لك مثلا الضمان الاجتماعي، يعمل لك تنظيم اجتماعي كهذا جميل لكي يؤمن الناس كذلك قال فهذا اتبعه قال له لماذا هو هذا من عند الله قال له نعم علماء الإسلام يقولون كذلك إذا حللت ببلد ليسوا مسلمين ولا شيء ووجدتهم ينظمون الحياة بتنظيم المعيشة وتحصيل الحاجة فاتبعهم فإنه مما ألهمه الله لهم لإصلاح الدنيا هذا
العلم الذي من عند الله كله هذا من عند الله ولذلك المسلم لا يضيع علمه على وجه الأرض والسبب ما هو أنه من عند الله واحد يقول الله طيب يا أنت يا مسلم أنت لم تتوصل إلى العلم هذا أقول له نعم أنا لم أتوصل إليه لكن العلم هذا وسأفعله له لماذا تقول لأن هذا العلم من عند الله، يعني أنا أعمل وأتعب وأبحث وأصل إلى الحكاية، قلت له هي فقط كلمة أصل هذه، هو ربنا الذي أوصلك إلى هذه الحكاية، طيب وجزاك على أنه قد أوصلك لهذا أن جعلك أقوى مني، أنا إذن بيني وبين ربي علاقة لا
يرضى عن هذا ولكن هذا بيني وبين ربي أما أنت فعلمك هذا من عند الله وسآخذه سآخذه لا تحرمني منه لا تقل هذا أنا توصلت إليه وفيه معرفة خاصة والمعرفة الخاصة لا يعرفها أحد إلا أنا لماذا لا يعرفها أحد إلا أنت هذه من عند الله قال لكي نتاجر وكذلك فلماذا إذن جئتم واستعمرتمونا ولماذا أخذتم خيراتنا وبنيتم المصانع هناك ولماذا وأنا بيني وبين ربي قال المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف فيجب أن أكون قويا ويجب أن أكون عالما ويجب أن أكون أكون معي هذا التحصيل الذي حصله الآخرون وهم يذلوننا به، هذا بيني وبين ربي. فبعض الناس يخلط بين الأمرين هذين ويقول إن المسلمين يقولون اعملوا أنتم ونحن نصلحكم، لا هذا
واجب علينا أن نعمل وأن نبحث بأمر الله لنا لدرجة أننا نرى كل علم توصل إليه البشر إنما هو بإذن الله ومن عند الله وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته