سورة البقرة | حـ 307 | آية 255 - 256 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى في آية الكرسي وهي أعظم آية في كتاب الله "وسع كرسيه السماوات والأرض". الكرسي في لغة العرب موضع قدم الملك، يسمونه عندما يكون في عرش كسرى أو عرش فارس وما شابه ذلك، وبعد ذلك شيء موضوع ليضع عليه قدمه يسمونه الكرسي، فالله يخاطب البشر بما يفهمونه تقريبا للأذهان، هناك عرش هو أعظم مخلوقات الله المحيط بالكون، هذا العرش من عظمته يعني
ترى نفسك قليلا أعظم واحد في الكون حجما فترى نفسه كذلك قال الله سبحانه وتعالى قهر الرحمن على العرش استوى على العرش استوى يعني قهر العرش لقد استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق أو مهراق فاستوى يعني استولى وقهر بشر العراق فربنا لما رأى العرش كذلك يعني مزعزعا فاستوى وقهره
طيب إذا كان ذلك العرش المحيط بالكون هذا فما بال الكرسي كيف يكون شكله الواسع كرسيه السماوات والأرض فتكون السماء الأولى كحلقة في فلاة بالنسبة للسماء الثانية والثانية حلقة في صحراء كبيرة بالنسبة للثالثة والثالثة حلقة في صحراء كبيرة بالنسبة للرابعة أمر يجعل العقل يقف والسبع محيط بها الكرسي الذي يكون ما هو الذي يكون قطعة صغيرة هكذا هو جدا من العرش فما بالك بالعرش إذن ماذا يكون، فتكون كلمة "وسع كرسيه السماوات والأرض" لها دلالتان، الدلالة الأولى أن الكرسي يسع
السماوات والأرض تتحدث عن حجم الكرسي، والدلالة الثانية تتحدث عن عظم حجم العرش الذي لم يذكر أمامنا. من أين جئت بهذا؟ من عقلك؟ هو الكرسي القطعة الصغيرة التي تحت العرش، فما القطعة الصغيرة إذن فكيف يكون شكل العرش؟ القطعة الكبيرة، ولذلك أهل الله الذين يحبون سيدنا رسول الله يقولون اللهم صل على عرش استواء رحمانيتك، ما هو هذا عرش استواء قهره الذي هو العرش الحسي هذا المادي، وكان عرشه على الماء فكيف سيدنا محمد الذي هو سيد الخلق والمخلوقات قالوا
عرش أيضا ولكن إذا كان ذلك عرش كان الشأن فيه القهر فإن هذا عرش كان الشأن فيه الرحمة وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فهذا الذي تأتي منه الصلوات التي نجدها هكذا يقول اللهم صل على عرشي على استواء على عرش استواء رحمانيتك عرش استواء رحمانيتك ليس استواء قهرك كما ذكرت كأنهم ماذا يقولون مع عظم العرش وعظم شأنه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم منه وهو كذلك بإجماع المسلمين لا نعرف في ذلك خلافا لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل الخلق
أجمعين قال وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما يعني لا يعجزه حفظ هذه السماوات والأرض لأنه سبحانه وتعالى يقول للشيء كن فيكون وهو العلي العظيم العلي جل شأن الله في علوه وعليائه فهو عالي المكانة والرتبة فلا مثيل له ولا شبيه له ولا ند له ولا كفؤ له سبحانه العظيم والعظمة فيها شدة وفيها رحمة فهي جمعت بين صفات الجلال والجمال والكمال، عظيم هذا!
فالله سبحانه وتعالى جل في علاه يقول بعدها وقد بين لنا صفاته سبحانه وتعالى "لا إكراه في الدين"، يا له من أمر يعني هذا إذا كان ربنا عظيم الشأن هكذا وأحد كفر به، هذا كان ينبغي يعني أن نقف منه موقفا ولكن يضع الله الآية خلفها احذروا من هذه العظمة التي عليها ربكم والتي عرفها لكم أن تكرهوا الناس على الدين احذروا لا
إكراه في الدين ما هذا ما معنى لا إكراه في الدين بعد بيان عظمة الله لأن من كان هذا شأنه ورأيت أنا كافرا به فإنني أحمل عليه حملا له إما أن تؤمن وإما أن أقتلك، أنت مجنون! وهذا يحدث بين الوالد وولده، فعندما نرى ابننا يضل عن الطريق ونقوم ممسكين به يريد أن يدمن المخدرات أو يريد أن يسلك طريقا منحرفا، نقوم بضربه على يديه، ولكن هنا قال لا تضربوه اتركوه لي، أنا هذا صنعتي وأنا حر قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر
بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم فبعد هذه العظمة منعنا أن نكره أحدا على الإيمان به ولندع الناس لربهم إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم السلام عليكم