سورة البقرة | حـ 311 | آية 258 - 259 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه يقول ربنا وهو يقص علينا قصة سيدنا إبراهيم في جداله مع الكافر ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت وعرفنا من هذا بعض آداب المناظرة، ترك إبراهيم الجدال والمراء ودخل في شيء آخر وقال، قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر، بهت
الذي كفر يعني ماذا؟ يعني اضطرب، نزل عليه صلى الله عليه وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سورة البقرة يقص علينا ربنا قصة سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مع الكافر وهو يجادل ورأينا كيف أننا تعلمنا بعض آداب المجادلة والمناظرة مع الآخرين ألم تر إلى الذي حاج
إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت فلم يدخل معه في الحجة الضيقة وتركه وسار معه في أمر آخر فقال قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر أي اضطرب أي نزل عليه سهم الله فلم يعرف ما يقول شيئا ولذلك قال والله لا يهدي القوم الظالمين لماذا سبحان الله الثانية هذه يعني كان بإمكانه أن يرد عليها بأقوى مما رد على الدليل الأول الأقوى ولكنه لأنه صاحب هوى لم
يوفقه الله سبحانه وتعالى لأن يتكلم ولا يكمل الجدال في باطله فتبقى هي القضية قضية هداية وتوفيق وإذن من الله وليس قضية فصاحة من الإنسان ولا قوة في الجدال هذا ملك الله لماذا قال العلماء ما هو كان بإمكانه أن يقول شيئا يحرك به سيدنا إبراهيم يقول له فليجعل ربك يفعلها هو ربنا يأتي بالشمس من المشرق ويذهب بها إلى المغرب وأنت تقول لي ائت بها من المغرب واذهب بها إلى المشرق ونحن جالسون الآن فليطلع ربنا علينا الشمس هذا كلام
هو هذا جدال بأن واحدا كافرا يتحكم في الله اعملي وسوي لي ما لا ينفع وليس هذا هو الترتيب العقلي للكلام لكن كان بإمكانه أن يحرج إبراهيم يقول له هكذا طيب ولماذا لم يقل له سبحان الله فبهت الذي كفر يجب وأنت تدخل في المناظرة أن تعلم أنك لنقل كلام الله إلى الناس ولست كفيلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا وكيلا عليهم ولا عليهم بمسيطر، إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، فإذا جلست أتكلم بما يرضي الله فليكن فهمي عن الله هو هذا وبعد ذلك كل واحد حسب هداية
الله فإن الذي يخلق الهداية في القلوب من الله وليس من كلامك ولا من تنميق حديثك ولا من لباقتك ولا من مدخلك ومخرجك، فإن أنكرت نفسك وبلغت عن الله وفقك الله والله لا يهدي القوم الظالمين، وإذا لم تفعل ذلك أبدا سلط الله عليك هذا وذاك وبقيت الحكاية كما هي ولا يكون في كونه أراد أم هذه للاختيار، أي انتبه للمثل الذي مضى هذا وخذ منه العبرة واعلم كيف تكلم الناس واعلم أن الإخلاص والتوكل وإنكار الذات وتبليغ الدعوة إذا خرجت من القلب فإنها تصل إلى القلب
بإذن الله، وإذا خرجت من اللسان فإنها تصل إلى الآذان، فالذي يخرج ما يصل من القلب يصل إلى القلب، وما يخرج من اللسان يصل إلى الآذان، أي لا يفعل شيئا أو كلاما سمعه وانتهى الأمر، عرفت هذه الحكاية، فقال له: نعم، فقال له: إذن انتقل إلى مثال آخر، إذا فإن التعليم لا بد فيه من ضرب الأمثلة وليس المثال الواحد لأن العقول قبول هذا العلم والتلقي والإدراك عن الله فيلزم التنويع وأنت تعلم الأولاد تعطيهم مثالا تعطيهم مثالا آخر دعه يحل مسألة يحل المسألة الثانية
التدريب يحتاج هكذا أن تدربه فيقول أوه كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها هذه انتهت هذه تخربت تماما هذه الحضارة قد أنشأها أصحابها في مئات السنين، فكيف تحيا هذه مرة أخرى؟ هذه غير قابلة لأن يحييها أحد، فأماته الله مائة عام ثم بعثه، فإذن هناك أدلة حسية جعلها الله في البشرية للدلالة
على أن هناك بعثا بعد الموت وأن الله كما أنشأ النشأة الأولى فإنه سوف ينشئ النشأة الآخرة، ولذلك ألف ابن أبي الدنيا كتابا عمن عاش بعد الموت، وأصبح هذا في حدود الأخبار بعد نزول القرآن الذي هو معجز في ذاته وهو معجزة رسالة دائمة، فلم تعد هناك حاجة إلا لما يحدث بين الحين والآخر من توقف القلوب وعودتها مرة أخرى، وإن كان هذا لا يسمى موت في الاصطلاح لكنه شيء يقرب إلى الأذهان، لكن من عاش بعد الموت فأماته الله مائة عام ثم بعثه، حدث أقره القرآن حتى لا ينكره الإنسان، وإلى
لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.