سورة البقرة | حـ 312 | آية 259 - 260 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، اللهم اشرح صدورنا وعلمنا مرادك من كتابك يا أرحم الراحمين وافتح علينا فتوح العارفين بك واهدنا واهد بنا، مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها، أنى تعني كيف تعني
أداة للاستفهام التعجبي، أنى تعني متى إذن إذا كان متى يسأل عن الزمان، وكيف يسأل عن الحال، وأين يسأل عن المكان، كل هذا موجود في أنى، متى وكيف وأين ربنا يعني هكذا، أنى يحيي هذه بعد موتها فأماته الله مائة عام، مائة عام أماته أي إماتة حقيقية ومائة عام وهي غالب عمر البشر مائة عام، ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم، فهذه حقيقة يقررها القرآن أن
الإنسان سيخرج عن الزمان بوفاته فعندما يموت الإنسان لا يشعر بالزمان بحيث أنه لو قام يوم القيامة بإذن الله وخرج من قبره سئل هذا السؤال كم لبثت قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين، نحن لا نعرف هو بالكاد هكذا أربع وعشرون ساعة نمنا أي نومة طويلة، ولذلك فالموت شبيه بالنوم وعند البعث والرجوع يشعر الإنسان وكأنه قد غاب قليلا، هذا الحال. حدث أيضا مع أصحاب الكهف قال كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم كذلك قال بل لبثتم مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك
لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس من عاش بعد الموت آية للناس أي تتناقل وتتناقل الأخبار ويتناقل الناس أخبار أولئك حتى يطمئن بعضهم ولكن كثيرا من الناس لا يعلمون وانظر إلى العظام كيف ننشزها فأحيا أمامه حماره هكذا ثم نكسوها لحما فيتبين له البعث فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير الآن بعد أن رأى بعينيه قال ماذا أعلم أليس أنك كنت منذ قليل تقول
كيف يحيي الله هذه بعد موتها؟ والإنسان هكذا وأنت تناقشه تناقش فيقول لك الله، طيب وما شأن هذه وما شأن... ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه قال أنا أحيي وأميت، وأنت تناقش الإنسان فيقول لك ما أنا كنت سأقول هكذا أيضا أنا أقول هكذا كما أنت تقول فتقول أنت كنت تقول عكس ذلك، نحن مسجلون نعيد الشريط، قال لا أنت فهمتني خطأ، وهو صادق بينه وبين نفسه من الداخل، هو الإنسان يغير رأيه من غير أن يشعر، فربنا ينبهنا على دقائق النفس البشرية، يقول فلما تبين له قال اعلموا أي يعني اعلم ومؤكد طبعا هو في ما الذي حدث
كله ولماذا هل أنا فعلت شيئا؟ ألم تقل في البداية كيف يحيي هذه الله بعد موتها؟ هذا أنت متعجب زمانا ومكانا وحالا الآن قال لا ما هو هذا الله على كل شيء قدير طبعا وإلا فماذا؟ فتفوتها وأنت تتناقش وتجد طبيعة الإنسان هكذا تقول له نعم إذن اتفقنا أنا لم أكن منتبها إلى أن قصدك كان كذلك فلنمض إذن إذا جلسنا نبحث أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها لوجدناها أيضا في ثناياها بما لا ينتهي تؤكد أدب الحوار والمجادلة والمناظرة وأن في بعض الأحيان نحتاج إلى مسألة حسية ونحن نتحاور ونحتاج
إلى عرض وثائق ونحن نتحاور، ونحتاج إلى الرجوع إلى مراجع ونحن نتحاور، فتبقى هذه الآية لها أيضا دعوة بقضية المناظرة، وبينما نتحاور أقول له: حسنا انتظر سأعرض عليك فيلما وثائقيا يوضح لك هذه القضية، حسنا سأريك أنه حدث كذا، اسمع هذه الشهادة، حسنا اقرأ المرجع الفلاني، وبينما نتحاور قال تعالوا وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى كيف تحيي الموتى الآية هذه التي مضت أو كالذي مر على قرية رجعنا فيها إلى الحس في الاستدلال وهنا نرجع فيها إلى الحس في الاستدلال ولذلك فإن أساس العلوم
كلها واليقين كله كما يقول الإمام الغزالي هو الحس انظروا إلى هذه الحس هو أساس اليقين، أخذها الإمام الغزالي سبحان الله فآمن بالله، وأخذها آخرون فكفروا، وهي حقيقة واحدة لكن قراءتها مختلفة، قراءتها مختلفة. الحس أساس اليقين كلام يقوله الإمام الغزالي وبسببه يؤمن، والحس أساس اليقين كلام يقوله عتاة الملحدين وبسببه يكفرون، فسبحان الله. وإلى لقاء آخر نفصل فيه هذه القاعدة، نستودعكم والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته