سورة البقرة | حـ 313 | آية 260 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 313 | آية 260 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى". سيدنا إبراهيم وهو يناجي ربه وقد علم منه أن بعد هذه الحياة الدنيا وبعد ذلك الموت حياة أخرى فيها الحساب فيها الثواب والعقاب يريد أن يصل إلى مرحلة اليقين ولما كان اليقين في نفس الإنسان مرتبطا
بحسه بما يرى وما يسمع وما يشم وما يتذوق وما يلمس بحواسه الخمس لما كان أمر اليقين متعلقا ومرتبطا بالحس وكان الحس أساس اليقين أراد إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أن يصل إلى مرحلة اليقين، الحس أساس اليقين ولكن هذا الحس منه سطحي يراه الإنسان بعينه ويلمسه بحواسه، ومنه ما يحتاج إلى أدوات المجهر والتلسكوب والميكروسكوب
كي يتوصل إلى حقائق الأشياء ودواخلها ويسمى بالعميق، ومنه ما يربط ذلك فيفكر الإنسان بعقله فيصل إلى ربه وهو المستنير يبقى في سطحي وعميق ومستنير ولما قالوا إن الحس أساس اليقين وصلوا بالحس إلى الله وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد قرأوا هذا الكون فرأوا الله وراءه رأوا ربهم بأعينهم هكذا يعني كفاحا نهارا جهارا لا رأوه في خلقه في حكمة وبديع صنعه سبحانه وتعالى والآخرون
وقفوا عند الحس واكتفوا به وتعمقوا فيه ولم يغادروا ذلك العمق فغرقوا في بحاره فلم تستنر قلوبهم، هذا هو الفرق بين سيدنا إبراهيم وهو يعلمنا أن اليقين مآله إلى الحس وأنه لا يجب علينا أن نقف عنده بل علينا أن نتدرج به إلى الاستدلال على الله والإيمان بالله وأنه إذا ما وقفنا عند الأمور وعميقها ولم نصل إلى الله به فليس بعلم وإنما هو وبال على صاحبه يقول وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى سأل
إبراهيم ربه بإذن من إذن بإذن الله حسنا ويعلمنا الله أن هذا السؤال إنما هو للبحث عن اليقين وليس لتأكيد الشك وليس للوقوف عند العميق دون الاستنارة قال أولم تؤمن قال بلى يعني آمنت ولكن ليطمئن قلبي هذه القضية نحن نفعلها لكي نصل إليك يقينا وليس لكي نشك فيك وليس لكي نحتار نحن مؤمنون انتهى الأمر نريد الآن أن ننتقل إلى اليقين الذي لا يتزعزع لسنا مؤمنين ونحن
متشككون لا يبقى في الإيمان قد يخالطه شك وقد يخالطه تشوف إلى المعرفة بيقين فأنت أي واحد يا إبراهيم ممن لم يؤمن الإيمان الكامل أو ممن أراد بهذا السؤال الإيمان الكامل انظر الفرق كيف أنت على إيمان مشكوك أم إيمان متيقن قال له لا أنا على إيمان متيقن قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي هذا أنا ألم تر إلى اليقين قال فخذ يبقى أقره الله على سؤاله ووعده الله من إبراهيم يعني صحيحة ما
هو لو كان كذلك لكان قال له اسكت يا إبراهيم استحي يا إبراهيم يا إبراهيم أعرض عن هذا لا تتكلم في كذلك يا إبراهيم عيب لكن لم يقل بل أقره وساعده ووضح إذن فتح لنا أبواب البحث العلمي سبحانه إلى غايتها لماذا؟ ولكن ليطمئن قلبي، أنت تبحث أي شكا؟ لا، إنني أبحث تأكيدا ويقينا، إنني مؤمن بالله، فالباحث العلمي الذي ينطلق من الإيمان أقوى من الباحث العلمي الذي ينطلق من الحيرة والشك فلا يصل إلا إلى الحيرة والشك، البحث العلمي إن البحث العلمي وإنما من الذي يقوم به، واحد حائر سيظل حائرا، وواحد مؤمن
سيظل مؤمنا. حسنا يوجد واحد حائر ويقوم بالبحث العلمي فينال القوة، وواحد مؤمن ولا يقوم بالبحث العلمي يعني مثل إبراهيم لو لم يسأل، هذا هو الذي أخرنا. انظروا إذن حاجة العالم إلينا كم هي لو أنك أيها المؤمن، لقد بحثت بحثا علميا لافتا للبشرية لأنه سيكون ذلك البحث المعمر المنير، فهكذا تترك البحث العلمي لغيرك من الحيارى الذين وصلوا إلى قوة فأصبح الواحد منهم محتارا وفي يده قوة يستطيع أن يفسد بها في الأرض ويخترع لنا أسلحة الدمار الشامل وأسلحة الدمار الكامل ويدعي أنها عندنا
وهي بل عنده وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.