سورة البقرة | حـ 314 | آية 260 - 261 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يخاطب سيدنا إبراهيم لما سأله اليقين وطمأنينة القلب قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك يعني ماذا إذن فصرهن إليك
فالمفسرون يقولون اذبحهن وافرمهن واجعلهن جميعا في مكان واحد وخذ ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا خذ جزءا من هنا وضعه على هذا الجبل وهذا الجبل وهذا الجبل وهذا الجبل ثم ادعهن فليأتينك سعيا، فبذلك رأى بعينيه كيف يحيي الله الموتى حقيقة لا خيالا ومجازا ومناما، حقيقة. حسنا وهذا لماذا؟ إن الله على كل شيء قدير، واعلم أن الله عزيز حكيم. لم يقل عليم
خبير، قال عزيز حكيم. فإنك عندما تبحث البحث العلمي وترى الله سبحانه وتعالى وراءه ثم لم تنفذ بعد ذلك فإن الله عزيز حكيم فنهاية الآية غريبة جدا لأن عزيز حكيم هذه معناها أنه قوي وأنه سيحاسب وأنه ما فعل هذا عبثا والقضية ليست قضية علم بعد هذه قضية امتثال وتقوى بعد ذلك والعلم هذا أمر سهل في الطريق بعض الناس من الفرق الضالة قالوا لا نحن ننفي هذا الظاهر، هذا الكلام الظاهر ننفيه. قال فما الذي نريده؟ قال إنه يقصد أن تأخذ
أربعة حمامات وتربيها عندك في الغابة الخاصة بك، وبعد ذلك ضع واحدة هنا وواحدة هنا وهكذا، وبعد ذلك صفر لها أو اعمل لها بالعلم الأحمر هكذا، فستجدها تأتي إليك، وهذا يدل على أنك إذا ربيت الإنسان فأنت تملكه وتعرف كما يقولون في المثل الشعبي زوجك على ما عودتيه وابنك على ما ربيتيه فأمر كهذا، فهل يصلح هذا في تفسير آيات الله؟ آيات الله الأصل فيها الحقيقة ببساطة، ثم إذا كان الأمر كذلك فما لزومه يا سيدنا إبراهيم؟ يسأل ربنا وربنا سبحانه وتعالى يوحي إليه يعني ما لزوم هذه القصة
الطويلة العريضة هذا نبي وهذه معجزة ولكنها معجزة نحن نأخذ منها الهداية لحياتنا بوجوب البحث العلمي وبربط المعلومات بالله وأنه لا بد في النهاية أن توصلنا إلى الله فإذا وقفت وقصرت بنا عن الوصول إلى الله فليست على مرتبة العلم كما ينبغي أن يكون إنما يخشى الله من عباده العلماء، إذا هذا النوع من أنواع التأويل باطل لأنه لا يتسق مع جلال النبوة ولا يتسق مع معجزات الأنبياء ولا يتسق مع ختام الآية ولا يتسق مع السؤال أصلا ولا يؤخذ منه شيء لأنه أمر معتاد وتحصيل حاصل. وكلام
عبث، إذا لا بد علينا كقاعدة في الاطلاع وتفسير كتاب الله وتأويله أن نقدم الحقيقة على المجاز ولا نلجأ إلى المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة إلا بوجود علاقة إلا بوجود قرينة إلا وهكذا يقول سبحانه وتعالى مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم، إذا هذا معنى جديد فكيف
نربطه بما مضى؟ الذي مضى هو نقول فيه الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، نقول فيه ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه، نقول فيه أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فما علاقة الإنفاق بهذا الكلام؟ هذا الكلام يتحدث عن الدعوة يتحدث عن المحاورة والمجادلة بالتي هي أحسن يتحدث عن اليقين بالله وعن البحث العلمي وعن ربط العلوم بالله والتوصل إليه إذن هذه مجالات الإنفاق في سبيل الله فنجد الآن الناس تنفق في بناء مسجد بكثرة في رعاية يتيم
وهو أمر مهم، بناء المسجد مهم ورعاية اليتيم مهم، لكن قليلا من الناس من يصرف ماله في البحث العلمي، في بناء الجامعات والمعامل، في شراء الحاسوب، في التدريب، في نحو ذلك مما يفيد الأمة ويفيد مستقبلها، وهنا معجزة مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله فأين هم حتى تتضاعف سبعمائة ضعف، هذا ما كنا نقوله في العلم وفي الدعوة إلى الله، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.