سورة البقرة | حـ 321 | آية 269 - 270 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب يعني العقلاء المتدبرون في شأن الكون وفي شأن كتاب الله سبحانه وتعالى ثم تلي هذه الآية قوله تعالى آية أخرى هي قوله تعالى وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار هذه الآية
يؤتي الحكمة من يشاء أتت في دستور الإنفاق في القرآن ودستور الإنفاق بدأ مع قوله تعالى مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله وهذه الآية مائتان وواحد وستون، ثم سرد ما قد ذكرناه في حلقات سابقة وأتى بهذه الآية في وسط دستور الإنفاق. إذن من ملامح الحكمة أن تنفق، والإنفاق يقتضي منك مخالطة الناس. هل يوجد معتزل ينفق؟ على من سينفق؟ فإنه لا يصح أن ينفق على نفسه. هذا يجب أن يخالط الناس، فالرجل الأعزب
لا يعرف كيف ينفق على أهله لأنه ليس له أهل، أما من تزوج وأنجب فإنه ينفق على زوجته وعلى أولاده، ومن ذهب إلى المسجد فوجد الفقراء فحن عليهم قلبه فأعطاهم فقد أنفق، إذن من الحكمة أن تخالط الناس حتى تكون نافعا للناس هو مقتضى كذلك إذا كان من الحكمة الإنفاق وإذا كان الإنفاق لا يتم إلا بمخالطة الناس فإن مخالطة الناس خير من العزلة والاعتزال ومن خالط الناس فصبر على أذاهم فهو خير له في الحديث كذلك حديث ما هذا حديث العزلة يعني يجيز لنا العزلة
عندما لا نستطيع أن نخالط الناس ونفتتن ولكن يأتي في الآخر فيقول ماذا ومن خالط الناس فصبر على أذاهم فهو خير له لأنه يبقى نافعا تبقى الحكمة ليست في العزلة وإنما الحكمة في المخالطة والحكمة ليست في الشح والبخل وإنما الحكمة في الإنفاق إنفاق ماذا الإنفاق إنما يكون عن سعة فما آتاك الله به من سعة قد يكون لديك المال دون الصحة والجاه فأنفق من مالك وقد يكون لديك العلم زاده الله بسطة في العلم والجسم قد يكون لديك العلم فأنفق من علمك وقد يكون لديك الجسم فأنفق من جسمك
ولو أن تعين أخرق أيضا في الحديث هكذا ولو أن تعين أخرق والأخرق يعني الذي لا إذا عمل شيئا فعليه أن ينفق، والإنفاق لا يقتصر على المال بل من كل نعمة قد أنعم الله بها عليك حتى في الرأي، يؤتي الحكمة من يشاء وهذه أيضا نعمة، إذا فلا تبخل فالدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، هذه هي النصيحة أي ما هي النفقة وفي الإنفاق حكمة فمن الحكمة الإنفاق ومن الحكمة مخالطة الناس ومن الحكمة
وضع الشيء في موضعه الصحيح ومن الحكمة التأني والتدبر والرفق يا عائشة إن الرفق ما دخل في شيء إلا زينه وما نزع من شيء إلا شانه لذا عندما تكون رفيقا تفهم أكثر ما يفعل القاضي بين المتنازعين يجب عليه وجوبا شرعيا محتما أن يستمع إليهما، يبقى من الحكمة ألا تأخذ الإشاعة والمسموع وتطير به وتبني عليه أحكامك، بل لا بد لك أن تتأنى وأن تنظر إلى الطرف الآخر ماذا يقول وماذا حدث. إذا تولد لديك
شعور القاضي فأنت حكيم، شعور القاضي لا يتعجل وإنما قالوا إذا أتاك يحمل عينه على كفه فانتظر الخصم فلعله يحمل عينيه، يعني واحد يأتي إليك وأنت قاض وعلى يده عين قال لك انظر في أعمالي هاهي خذها عيني خذها لا تحكم ضدي، انتظر حتى نرى الخصم الذي خلع عينه هذا لعل أنه خلع له عينيه الاثنتين ضائعتان يبقى إذن إذا انتظر لعله يكون الجرم الذي ارتكبه ذلك المجني عليه في شيء هو أعظم من الجناية التي ارتكبت عليه فاحكم بين الناس بالحق واحدة خطوة هذه هي حكمة وآتية من
أين من معنى الحكمة وهي القضاء إذن لا بد عليك إذن أن تكون دقيقا يبقى إذن لا يقوم بمهنته كما ينبغي ويسرع فيها من أجل دراهم قليلة، هذا ليس بحكيم لأنه يأكل حراما وهذا لم يؤته الله من خيره بل إنه يفعل شرا ولا يفعل خيرا. لماذا هو ليس بحكيم؟ بعد أن يمضي تبقى المسألة ثلاثة أو أربعة أيام تصدر أصواتا وتفسد، فيكون ذلك ليس بحكيم. لأن الحكمة فيها إتقان ولذلك كانوا قديما يسمون الطبيب حكيما
لماذا الطبيب حكيم لأنه كان يعالج الإنسان كله كان يشم عرقه ويتذوق دمعه ينزل هكذا الدمع هكذا يأخذه ويرى هل هو مالح أم ليس مالحا ويستنبط منها أشياء ويسأله عن أهله وعن بيته وعن المشكلات التي يعيش فيها حكيم إذن في مدرسة الطب ليس بحكيم من تذهب إليه للعيون فيعالج لك العين حتى لو أفسد العقل أو يعالج الأعصاب حتى لو أفسد القلب أو يعالج جزءا لا هذا ليس بحكيم هذا الحكيم الذي لديه فن العلاج يعالج الإنسان على ما جاء به وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته