سورة البقرة | حـ 324 | آية 272 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 324 | آية 272 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء يعني هذه الكلمة في هذه الآية تكفي الدعاة إلى الله ليس لك من الأمر شيء لا دعوة وأنت ما لك إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء فالهداية ليست بيدك وإنك لا تهدي إلى الصراط المستقيم يعني تدل وترشد وليس
تخلق الهداية في قلوب الناس هذا يخاطب من سيد الخلق عليه الصلاة والسلام الذي ارتضاه رسولا مصطفى ولكن الدعاة ماذا يفعلون يتبعون النبي ويسيرون على نهجه وهداه ويأتمرون بأمر الله فيه سبحانه وتعالى فهو وهو يخاطب النبي كأنه يخاطبك ليس عليك هداهم لست أنت الذي تهدي سبحان الله يبقى إذن فما علينا؟ علينا البيان والله سبحانه وتعالى يتولى ما وراء ذلك وأنا ما لي أن أدخل نفسي فيما لا شأن لي به أعتقد أن هذا الأمر
ليس من شأني، فماذا يفعل هذا في الداعية؟ ليس عليك، فما رأيك ألا يجعله ذلك ينفعل من الذي أمامه، ألا يغضب على الذي أمامه أبدا، أمر الله فيه كذلك، خلقه كذلك، ما رأيك ألا يصطدم معه، ما رأيك أن يصبر؟ عليه لماذا لأنه فعل ما عليه بلغه بصورة لافتة للنظر بطريقة هادئة فيها حكمة ادع إلى سبيل ربك بالحكمة وليس عليه أن يتأسف ولا أن يعتب المهم أنه لم يؤمن أو لم يهتد سواء كان المخاطب غير مسلم أو كان مسلما غير ملتزم ليس عليك هداهم فماذا
إذن ولكن الله يهدي من يشاء حقيقة إيمانية، فلا تحاول بعد الآن أن تهدي وأن تتدخل بين البشر وبين الله، فلا تكن حجابا بين البشر وبين ربهم، ما عليك إلا البلاغ. وما تنفقوا من خير فلأنفسكم حقيقة أخرى وهي أنك عندما تنفق فإنك لا تنفع بذلك، لا تنفع الله في شيء. بإنفاقكم هذا أنتم تنفعون أنفسكم لأن المال سوف يكون متداولا بينكم جميعا ويتحرك
من الأغنياء إلى الفقراء كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم، بل إنه يتحرك بين الأغنياء والفقراء ويذهب الفقير يشتري به من الغني السلع والخدمات التي يريد أن ينفق بها على نفسه، وما تنفقون من خير من فلأنفسكم لأنه يعود إليكم نفع ذلك الإنفاق في الدنيا بتدوير الحراك وفي الآخرة بالأجر، تخيلوا أن الناس لا تستهلك فيموت السوق، البقال لا يبيع، فماذا يحدث عندما لا يبيع البقال؟ المصنع يغلق الذي يشتري منه، فماذا يحدث عندما يغلق المصنع؟ تكسد السلعة التي عند الزارع، والله إن
هذا خراب. إذن فيجب أن تستمر هذه الحركة لأنفسكم في الدنيا والآخرة لأن الله أمرنا بالإنفاق وهذا الإنفاق هو الذي يحرك المجتمعات ويحرك الناس ويحرك البشر فلا تظنوا أن الإنفاق إسراف بل هو الأساس أن ننفق ولكن من غير إسراف ننفق ولكن من غير إسراف إنه لا يحب المسرفين وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين وما تنفقوا من خير فلأنفسكم ليس الآخرة فحسب بل لأنفسكم أيضا في الدنيا وما تنفقون إلا
ابتغاء وجه الله يجب أن يكون هذا من أجل الله والذي من أجل الله لا يمكن أن يخرج إلى حد الفساد ربنا حرم الخمر حرم الخنزير حرم المخدرات انظر هكذا الإنسان يكفيه كم في اليوم طعام وشراب، أيعرف أن يأكل أكثر من بطنه أم لا يعرف، أما الذين ينفقون الذين ينفقون في سبيل الحلال أي مبلغ يكفي طوال عمره يعني تحسب يكفيك كم طعام وشراب في اليوم عشرة جنيهات مائة جنيه إذا كان مائة جنيه يصبح ثلاثة آلاف في الشهر،
فيصبح ثلاثين ألفا في السنة، فيصبح في المائة سنة ثلاثة ملايين. أناس كثيرون لديهم ثلاثة ملايين ولديهم ثلاثمائة مليون. ثلاثة ملايين تكفيك مائة سنة طعاما وشرابا، ولكن في الحلال. فتعال هكذا إلى الحرام، ما رأيك؟ الثلاثة ملايين لا تكفيك ستة أشهر، ستة أشهر. وما لا تكفيهم الثلاثة ملايين فيجب إذن أن يكون الإنفاق تحت سقف ابتغاء وجه الله حتى لا يكون إسرافا وفسادا في الأرض، تصور أن الثلاثة ملايين تكفيك مائة سنة وتصور أنها تكفيك ستة أشهر فهذا إسراف وهذا ما يحدث في العالم، سوء توزيع الثروة ناتج من ذلك ومن أشياء أخرى وما تنفقون
إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوفى إليكم وأنتم لا تظلمون يعني في الدنيا والآخرة كما تقدم ذكره وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته