سورة البقرة | حـ 325 | آية 273 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلمنا دستور الإنفاق في القرآن للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله إذا هم محاصرون كاهل غزة حيث
حاصروهم وضيقوا عليهم من أجل أنهم يطالبون بفك الأسر أما الأسرى الذين يقعون بين يدي المسلمين ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا يعاملون معاملة حسنة وأما الأسر الذين يقعون هنا وهناك فيذهبون يعملون لهم برامج لحقوق الإنسان وحقوق الأسرة يطالبونهم في معاهدات دولية فلا يفعلونها إذا فالإنفاق في سبيل الله أيضا لأولئك الفقراء الذين أحصروا في سبيل الله وانظر كيف أن بقية الآية تنطق في عصرنا أهل
غزة حاصروهم، منعوا عنهم الغذاء ومنعوا عنهم الدواء ومنعوا عنهم الكهرباء ومنعوا عنهم المياه النظيفة إلى آخره. هؤلاء يستحقون النفقة والصدقة لأنهم حوصروا في سبيل الله، لا يستطيعون ضربا في الأرض، لا يستطيعون ضربا في الأرض أي لا يستطيعون التحرك في الأرض، وأيضا حملها العلماء على قدماء المحاربين المعاقين فإنهم أيضا يجب علينا أن ننشئ لهم مؤسسات ترعاهم وتقوم بشؤونهم وتعالجهم لأنهم لا يستطيعون السفر في الأرض وهنا يأتي بصفة أخلاقية يحسبهم الجاهل
أغنياء من التعفف الجاهل يعني الجاهل بحالهم الجاهل بحالهم حسنا كلمة بحالهم أين ذهبت قال حذفت لأنه قد دل عليها السياق يحسبهم الجاهل أغنياء هو الحقيقة كل الناس يحسبونهم أغنياء لأنهم لا يسألون الناس إلحافا لأنهم متعففون، يحسبهم الجاهل يعني بحالهم وليس الجاهل بمعنى أنه يجهل معرفة الله أو أنه يجهل مثلا العلم أبدا، الجاهل هنا يعني الذي يجهل حالهم لا يعرف حقيقتهم أغنياء من عفة النفس هكذا وعظمتها وإبائها من التعفف لأنهم يتعففون تعرفهم بسيماهم،
فكيف عرفت إذن؟ يقول ربنا هكذا يعطي نورا تعرف به الواحد، تعرفه من عينيه، تعرف أنه واقع في أزمة، تعرف أن فيه مشكلة. فربنا ينور قلبك وتدرك هذا بهيئته هكذا بسيماهم، لا يسألون الناس إلحافا، لا يتسولون، ولذلك الذي يسأل الناس إلحافا ليس من هذا الصنف وإنما من صنف آخر نعطف عليه من طريق آخر وهو طريق التكافل الاجتماعي وهو طريق إذا جاءكم السائل يركب فرسا فلا تردوه يعني الله أعلم يمكن أن يكون محتاجا ولكن احذروا هذا الذي يسأل الناس إلحافا وقال في شأنه إذا سأل أحدكم بلا
حاجة فإنه ينكت في وجهه سوداء ويأتي بها يوم القيامة، كلما سأل كلما نقطت في وجهه نقطة سوداء، كل سؤال من الشحاذين المتسولين غير المحتاجين ينقط في وجهه نقطة أي نقطة أي نكتة سوداء، نكتة بالكاف ولكن معناها نقطة سوداء، حتى يأتي يوم القيامة ووجهه أسود عند الله الذين لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير، أي قليلا كان أم كثيرا، فلا تستهينوا بما تنفقون، أنفقوا ولو بالقليل سرا وعلانية كما تعلمنا من قبل، فإذا كان علانية فمن أجل الدعوة، وإن كان سرا فمن أجل الإخلاص، وما تنفقوه من
خير فإن الله به عليم، أي فلا يضيعه، فإن الله به عليم يعني يكثره وينميه وتأتي يوم القيامة فتجد ما أنفقت ولو كان شق تمرة تتقي بها النار وتنمو الصدقة حتى تأتي يوم القيامة كجبل أحد في الحديث هكذا أن الصدقة تنمو يعني تزداد حتى تأتي يوم القيامة كجبل أحد تصور أنك أنفقت نفقة قليلة ثم بعد أن أنفقت نفقة قليل قلدك آخرون فوسعت على الناس فكان سبب التوسعة من حضرتك فتأتي يوم القيامة لك ثوابك وثواب من أرشدتهم إلى الخير
وقد يكون ذلك شائعا ذائعا يتعدى الزمان والمكان فاذهب إلى يوم القيامة والناس تنتظر بما أنفق الأولون وينفقون مثلهم فيأخذ هو أجر أيضا الدلالة على الخير فإن الدال على الخير كاف عنه وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته