سورة البقرة | حـ 327 | آية 275 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة، يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو ينهى العباد عن الظلم والتظالم فيما بينهم، وهو يريد أن يحفظ على الطبقة الدنيا حريتها وأنهم لا بد أن يكونوا قادرين على أن يعترضوا على الظلم وأن يقولوا لا ضد حاكم طاغية أو ضد سلطان لا يطبق شرع الله. يقول: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس". فحرم الله علينا الربا. لماذا حرم الربا؟ حتى
لا يضار المجتمع، حتى لا يضار محدود الدخل، حتى لا يضار الضعيف. ثم بعد ذلك أوجب علينا كركن من أركان الدين الزكاة، فالزكاة ضد الربا. الربا يمنع الظلم والزكاة ترفع الكفاف إلى الكفاية والكفاءة. حيث إن هناك أناساً في كفاءة، وأناساً في كفاية، وأناساً في كفاف. فأنا أبدّل الذي في الكفاف هذا حتى أوصله إلى الكفاية أو إلى الكفاءة، فيصبح... الزكاة تُنقذ الفقير على سبيل المنّة لا، المنّة ممنوعة، ولا بد أن تكون ممنوعة. ليست على سبيل الجباية من الأغنياء، لا،
إنما هي على سبيل التعبد والبناء. أما الذين يأكلون الربا، فتلك مصيبة سوداء، وهذا يعني أنه يدمر النظام الاقتصادي ويدمر النظام الاجتماعي، فينهار النظام السياسي. إذن، ما وضع الذي يستحل الربا؟ عند الله لا يقومون وهو جالس هكذا، هو آتٍ ليقوم، لا تظن أنه جالس مستقيماً لأنه خلاص بدخوله في الربا لم يعد مستقيماً إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، مثل مريض الصرع، عندما يأتي الشخص والعياذ بالله تجده يرفس برجليه ويديه في الأرض من التشنجات، حالة غير طبيعية. طبيعية ذلك
بأنهم قالوا هؤلاء الذين استحلوا الربا إنما البيع مثل الربا ها نحن نبيع في الأموال التي بيننا وبين بعضنا النقود المائة بمائة وعشرة والثلاجة بمائة وبالتقسيط مائة وعشرة فيكون البيع مثل الربا والربا مثل البيع لماذا تحرم علينا الربا؟ أنا أبيع السلعة نقداً فورياً بألف ومؤجلاً بألف ومائة. ومائتين وقلت أن هذا حلال حلال أم ليس حلالاً، قال له: نعم، حلال. قال له: طيب، صرة الذهب هذه التي فيها ألف، خذها وأرجعها لي ألفاً ومائتين كما أخذت بالضبط الثلاجة ودفعت لي بعد سنة ألفاً ومائتين، خذ الصرة وادفعها
لي بعد سنة ألفاً ومائتين، هل هناك شيء في ذلك؟ إنما البيع مثل الربا، يعني الذين قالوا إنما البيع مثل الربا لهم وجهة نظر، لكن وجهة النظر هذه ماذا يريدون بها؟ يريدون بها أن يعترضوا على حكم الله الذي حرم الربا لأمر آخر وهو حماية الفقير وحفظ حاله ومستواه، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا، حسناً ردوا لنا. أصبح في هذه الشبهة قوم يتساءلون كيف يرد الله عليها. سيقوم بتفصيل البيع كما فصلته أنا هكذا، والربا، ثم نقول: انظر إلى البيع الذي له فوائد ونذكر فوائده، والربا الذي له مضار ونذكر مضاره. لكن الله حسم المسألة، وعندما
يحسم الله المسألة، فما اسمها في الشريعة؟ اسمها تعبد. ماذا يعني أن تعبد؟ يعني هكذا. ماذا يعني هكذا؟ يعني امشِ حسب أوامري، امشِ كما أقول لك. نحن نتوضأ قبل الصلاة. قال له: هكذا. نصلي الظهر أربع ركعات لماذا؟ قال له: هكذا. والله أريد أن أُعمل عقلي، أصلي الظهر مرة ركعتين، مرة ثلاثة، مرة أربعة، مرة ستة. هكذا؟ قال له: لا يصح ذلك. لا، الظهر أربعة. قال له: لماذا؟ وعمل له بيده هكذا. قال له: هكذا هكذا هكذا. ما معنى هذا؟ سد السؤال. ثم هذا يسمونه ماذا؟ التعبد. ثم الله تعالى يقول ماذا؟ قالوا: إنما البيع مثل الربا، وأحل الله البيع وحرم الربا. يعني هكذا، ما هو لا توجد علة، ولذلك
يقول الإمام. يرى الشافعي أن علة الربا تعبدية، لا تسألني ما هي الحكاية والرواية. لا أبداً، هي تعبدية هكذا. "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف" من رأس المال يعني، "وأمره إلى الله، ومن عاد" بعد التحريم وما زال يريد أن يأخذ "فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون". سلم سلم، وإلى اللقاء. آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.